أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ

قال الله تعالى :( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)، 

(أَن تَقُولَ نَفْسٌ) يعني: لئلا تقول نفس، كقوله: " وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم " (النحل - 15) أي: لئلا تميد بكم. على ما فرطت في جنب الله " في طاعة الله. وقيل في ذكر الله عز وجل. وقيل: في ثواب الله.  والتفريط هو: تضييع الشيء بغير حساب، يعني: معك مسبحة ثم انقطعت وتطايرت حباتها وضاعت، ماذا تقول؟ تقول: انفرطت على، تقطع واحدة وتذهب منك عشر، هذا المفرط فرط في دينه، فضاع عليه إيمانه وعقيدته، وإخلاصه، وعبادته، فهو مفرط في كل شيء، تحاول أن تجمع له من هنا ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما جلس رجل مجلسا، ولا مشى ممشى، ولا اضطجع مضطجعا لم يذكر الله - عز وجل - فيه إلا كان عليه تره يوم القيامة أي: حسرة، خرجه أبو داود بمعناه. وقال إبراهيم التيمي: من الحسرات يوم القيامة أن يرى الرجل ماله الذي آتاه الله في الدنيا يوم القيامة في ميزان غيره، قد ورثه وعمل فيه بالحق، كان له أجره وعلى الآخر وزره، ومن الحسرات أن يرى الرجل عبده الذي خوله الله إياه في الدنيا أقرب منزلة من الله عز وجل، أو يرى رجلا يعرفه أعمى في الدنيا قد أبصر يوم القيامة وعمي هو.

(وإن كنت لمن الساخرين)، أي وما كنت إلا من المستهزئين بالقرآن وبالرسول في الدنيا و بأولياء الله تعالى. قال قتادة: لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها. ومحل " إن كنت " النصب على الحال، كأنه قال: فرطت وأنا ساخر، أي: فرطت في حال سخريتي. وقيل: وما كنت إلا في سخرية ولعب وباطل، أي: ما كان سعيي إلا في عبادة غير الله تعالى. كلام على من يستهزئ بالقران،  ويجب التحذير من قول بعض أدعياء التصوف عن الله (حضرة الحق و حضرة الله وجناب الحق وجناب الله) فقد منع منها العلماء كما ذكر ذلك شهاب الدين الرملي صاحب حاشية كتاب أسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري، قال أهل اللغة الجناب بالفتح الفناء وما قرب من محلة القوم وقالوا حضرة الرجل قربه وفناؤه. وفِناء الدار ما امتد من جوانبها وجمعها أفنية، فظهر لك علة المنع من قول (جناب الله أو حضرة الله) لأن الحضرة والجناب من صفات الأجسام.) ولا يقال حضرة الرسول أو جناب الرسول هذه ليس تعظيم لله ولا للنبي إذا أردت أن تعظم الرسول فقل سيدنا محمد.