الصلاة على الميت

الصلاة على الميت لها أَرْكَانٌ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا نِيَّةٌ كَنِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي حَقِيقَتِهَا (وهي القصدُ) وَوَقْتِهَا والاكتفاء بنية الفرض، وَلَا يَجِبُ فِي الْحَاضِرِ تَعْيِينُهُ بِاسْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ، بَلْ يَكْفِي تَمْيِيزُهُ نَوْعَ تَمْيِيزٍ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ (على هذه الجِنازة) أوعَلَى هَذَا الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ فَإِنْ عَيَّنَهُ كزيد أو رجل ولم يُشِر إليه (أي زيدٌ هذا، أو هذا الرجل) وأخطأ فِي تَعْيِينِهِ فَبَانَ عَمْرًا أَوْ امْرَأَةً لَمْ تصح صلاته ولِأَنَّ مَا نَوَاهُ لَمْ يَقَعْ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ ، وَإِنْ حضر موتى نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ (ينوي بقلبه أُصلّي على هَؤلاء أو على من حَضَر من أمواتِ المُسلِمِينَ). وَثَانِيهَا قِيَامُ قَادِرٍ عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَثالثها أربع تكبيرات للاتباع فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا زَادَ ذِكْرًا، أَوْ زاد إمامه عليها، فلَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ لِعَدَمِ سَنِّهِ لِلْإِمَامِ، بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ ليسلم معه وهو الأفضل لتأكد الْمُتابعة. رَابِعُهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَلِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ (أي طريقة واجبة) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَخَامِسُهَا صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ،. لخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبروه أنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ السُّنَّةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ويسنُّ أن يحمدَ الله قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِيهَا، وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عَقِبَهَا، لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَسَادِسُهَا دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ كاللهم ارحمه عقب الثالثة. ولا يجزئ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ، وَسَابِعُهَا سَلَامٌ كَغَيْرِهَا أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ وَغَيْرِهِمَا. وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ تحت صدره كغيرها من الصلوات، وتعوذ لأنه لِلْقِرَاءَةِ ، وَإِسْرَارٌ بِهِ (أي التعوذ) وَبِقِرَاءَةٍ وَبِدُعَاءٍ لَيْلًا أَوْ نهارا أما التكبيرات والسلام فيجهر بهما روى النسائي بإسناد صحيح عن أبي أُمَامَةَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ فِي صَلَاةِ الجنازة أن يكبر ثم يقرأ بأم الكتاب مُخَافَتَةً ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ثم يخلص الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَيُسَلِّمَ وَيُقَاسُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ الْبَاقِي، وَتَرْكُ افْتِتَاحٍ وَسُورَةٍ لِطُولِهِمَا، وَلأنَّ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفولا يسنُّ لها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا نداء و يسن أن يُكثِرَ من الدعاء له [ أن لم يخشَ التغيير وإلا اقتصر على الواجبات] والمأثور أفضل، وهو الذي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا بأَنْ يَقُولَ بعد التكبيرة الثالثة: اللَّهُمَّ اغفر لحينا َومَيِّتِنَا ،وَشَاهِدِنَا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ (أَيْ لا تحرمنا أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ، ولا تَفْتِنَا بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي)، ثُمَّ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك وابن عبديك خرج مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا (أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا) وَمَحْبُوبُهُ وَأَحِبَّاؤُهُ فِيهَا (أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ) إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ (أَيْ مِنْ الْأَهْوَالِ)، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك (أي صار ضيفا) وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ ( أي أنت أكرم الأكرمين) وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك (أي أكثرَ حاجة) وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ وَقَدْ جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك رِضَاك وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ (امتحان القبر وعذابه) وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ آمِنًا إلَى جَنَّتِك يا أرحم الراحمين وَهَذَا فِي الْبَالِغِ الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَقُولُ فِيهَا: (هَذِهِ أَمَتُك وَبِنْتُ عَبْدَيْك)، وَيُؤَنِّثُ ضَمَائِرَهَا أَوْ يَقُولُ مِثْلَ مَا مَرَّ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ الْمَيِّتِ وَأَنْ يَقُولَ فِي صَغِيرٍ مَعَ الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ (أَيْ الصَّغِيرَ) فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ (أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ) [إِنْ كَانَا حَيَّيْنِ عُلِمَ إِسْلامُهُمَا] وَسَلَفًا وَذُخْرًا وعِظَة (أَيْ مَوْعِظَةً وَاعْتِبَارًا) وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تُحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ وَأَنْ يَقُولَ بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلام: اللهمَّ لا تَحْرِمْنا أَجْرَهُ (أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ) ،وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ (أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي)

 

حكم التَّخَلُّف عن الإمام في صلاة الجنازة

لَوْ تَخَلَّفَ عَنْ إمَامِهِ بِلَا عُذْرٍ بِتَكْبِيرَةٍ حَتَّى شَرَعَ إمَامُهُ فِي أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كأن كان المأمومُ في الأولى وشرع الإمام في الثالثة، أو كان المأمومُ في الثانيةِ وشرع الإمام في الرابعةِ لأنَّ الاقتداء هنا إنما يظهر في التكبيرات وَهُوَ تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ يُشْبِهُ التَّخَلُّفَ بِرَكْعَةٍ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَنِسْيَانٍ للقراءةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ بَلْ تبطل بِتَكْبِيرَتَيْنِ بأن كان المأمومُ في الأولى وشرع الإمام في الرابعةِ.

 

المسبوق في صلاة الجنازة

 

يُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ فِي غَيْرِهَا (ولو بين الرابعةِ والسلام) رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ فَلَوْ كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى قَبْلَ قِرَاءَتِهِ لَهَا سَوَاءٌ أَشَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا تَابَعَهُ فِي تَكْبِيرِهِ وَسَقَطَت الْقِرَاءَةُ عَنْهُ وَتَدَارَكَ الْبَاقِيَ مِنْ تَكْبِيرٍ وَذِكْرٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا فِي غيرها من الصلوات. أما إن لم يقطعْ قراءتَهُ فيكونُ كالمُتَخَلِّف بلا عُذرٍ. ويأتي المسبوق بالقراءة والذكر بترتيب نفسه. ويسن أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ. وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ

 

شروط صحة صلاة الجنازة

شُرِطَ لِصِحَّتِهَا شُرُوطُ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ كَطُهْرٍ وَستْرٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا (بخلاف دخول الوقت) وَتَقَدُّمُ طُهْرِهِ بِمَاءٍ أو تراب عليها (أي صلاة الجنازة) كسائر الصَّلَوَاتِ (لأن الصلاة عليه كالصلاة منه) وَلِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَوْ تَعَذَّرَ كَأَنْ وَقَعَ بِحُفْرَةٍ وَتَعَذَّرَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ لِفَقْدِ الشرط. بخلافِ فَاقدِ الطَّهُورَينِ فإنَّه يُصَلَّى عليه. وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِهِ حَاضِرًا وَلَوْ فِي قَبْرٍ وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ على ثلاثمائة ذراع تقريبا تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ، فَتَكْفِينُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهَا بخلاف الغسل فإنه شرط.

بمَن يسقُطُ فرضُ صلاةِ الجِنَازة

يَكْفِي فِي إسْقَاطِ فَرْضِهَا ذَكَرٌ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا (ولو مع وجود الرجال) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِلرَّجُلِ لَا غَيْرُهُ مِنْ خُنْثَى وَأُنْثَى مَعَ وُجُودِ الذكر لِأَنَّ دُعَاؤَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ (فإن [فُقِد] أو امتنع عن الصلاة بعد أن أمرته بها صلَّتْ ويسقُط الفرض، لتوجه الفرض إليها حينئذٍ للضرورة)، ولو حَضَرَ الرَّجُلُ بَعدُ، لم تلْزَمْهُ الإِعَادَةُ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الصلاة عَلَى الدَفْنٍ فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَثِمَ الدَّافِنُونَ وَصَلَّوا عَلَى الْقَبْرِ وَتَصِحُّ عَلَى قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ سَوَاءٌ أَدُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَمْ بَعْدَهَا

بِخِلَافِهَا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) وَتَصِحُّ عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ القصر (وَلو كان الميت فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ) وَالْمُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ القبلة. لِأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبرهم بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ   بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذَلِكَ فِي رَجَبَ سَنَةَ تِسْعٍ ،لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَضَرَهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ وَالْغَائِبِ عن البلد مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا (أي بالغا عاقلا) وَقْتَ مَوْتِهِ (فمن كان طفلا وقت موته ثم بلغ ولم يدرك زمنًا يمكنه الصلاة فيه قبل الدفن) لا يصلي على قبر ذلك الميّت.

وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى كَافِرٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً} ولا يجب طهره، لَكِنَّهُ يَجُوزُ فَقَدْ غَسَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبَاهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ. وَيَجِبُ عَلَيْنَا تَكْفِينُ ذِمِّيٍّ ودفنُهُ حيثُ لَمْ يكُن لَهُ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ غيرِ الذِّميِّ ، وَلَوْ اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ كَمُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَغَيْرِ شَهِيدٍ بِشَهِيدٍ وَجَبَ تَجْهِيزُ كُلٍّ بِطُهْرِهِ وَتَكْفِينُهُ وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلا بذلك وَيُصَلِّي عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ بِقَصْدِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْكَيْفِيَّتَيْنِ وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَيَقُولُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى وَيَقُولُ فِي الْمِثَالِ الْثاني اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا.

وَتُسَنُّ صلاة الجنازة في مسجد لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فيه على سهيل بن بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ سَهْلٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الأخ وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَأَكْثَرَ لِخَبَرِ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَيُسَنُّ تَكْرِيرُهَا أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (بأن تأتي طائفة بعد طائفة تصلي عليه) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ الدَّفْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى سواء أكانت قبل الدفن أم بعده فينوي بِهَا الْفَرْضَ ولَا يُسَنُّ إعَادَتُهَا فَلَا تُسَنُّ قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ تَقَعُ نَفْلًا وَلَا تُؤَخَّرُ لِغَيْرِ وَلِيٍّ، لِلْأَمْرِ بِالْإِسْرَاعِ بِهَا فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا الْوَلِيُّ بلا كراهة فَتُؤَخَّرُ لَهُ (إلى حضوره، هو يؤم الجنازة) مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرٌ. وَلَوْ نَوَى إمَامٌ مَيِّتًا حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا وَمَأْمُومٌ آخَرَ كَذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ اخْتِلَافَ نِيَّتِهِمَا لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي ظُهْرٍ بِعَصْرٍ وَالْأَوْلَى بِإِمَامَتِهَا أَيْ صَلَاةِ الْمَيِّتِ مَنْ يَأْتِي ذِكْرُه وَإِنْ أَوْصَى بِهَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّهَا حَقُّهُ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كالإرث فالأولى أَبٌ فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا فَابْنٌ فَابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ، فَبَاقِي الْعَصَبَةِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشقيق ، ثم الأخ لأب ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَهَكَذَا ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِلزَّوْجِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ، لكن الزَّوْجُ مُقَدَّمٌ على الأجانب وَشَرْطُ الْمُقَدَّمِ أَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا كَمَا فِي الْغُسْلِ والفَاسِقُ وَالمُبْتَدِعُ لَا حَقَّ لَهُما فِي الْإِمَامَةِ وَيَقِفُ نَدْبًا غَيْرُ مَأْمُومٍ مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ عِنْدَ رَأْسِ ذَكَرٍ وَعَجُزِ أنثى وخنثى (والعجُزُ الأليَان)، لِلِاتِّبَاعِ فِي غَيْرِ الخنثى رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ فِي الذَّكَرِ، وَالشَّيْخَانِ فِي الأنثى، وقياسًا على الأنثى في الخنثى. وَحِكْمَةُ الْمُخَالَفَةِ (بين الذكر والأنثى) الْمُبَالَغَةُ فِي سَتْرِ غَيْرِ الذَّكَرِ، وتجوز على جنائز صلاة واحد بِرِضَا أَوْلِيَائِهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ ، الْأَوْلَى إفْرَادُ كُلٍّ بِصَلَاةٍ إنْ أَمْكَنَ .

حُكْمُ المُنْفَصِلِ من مَيِّتٍ أو حَيٍّ

لَوْ وُجِدَ جزء ميت مسلم غير شهيد صلى عليه بعد غسله وستر بِخِرْقَةٍ وَدُفِنَ كَالْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفُرًا أَوْ شَعْرًا فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أُسَيدٍ وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَقَدْ عَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وينوي وجوبًا الغائبَ في جزء الميت، أي الصلاة عليه إن لم يكن صُلي عليه، أو صُلِّيَ عليه قبل غسل الجزء ،أما إن كان الغائب قد صُلِّيَ عليه بعد غسل الجزء، فلا تجب الصلاة على الجزء المُبَان ولا تجوز الصلاة على الجزء إلا بقصد الجملة (أي جملة جسده) لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَإِنْ اُشْتُرِطَ هُنَا حُضُورُ الْجُزْءِ وَبَقِيَّةُ مَا يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ أما الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ إذَا وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَتُسَنُّ مُوَارَاتُهُ بخرقة وَدَفْنُهُ نَعَمْ لَوْ أُبِينَ مِنْهُ فَمَاتَ حَالًا كَانَ حُكْمُ الْكُلِّ وَاحِدًا يَجِبُ غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ.