سماحة الشيخ سمعت من بعض الشيوخ أن القراء ن نزل مفرقاً ولم ينزل على النبي دفعة واحدة فما الحكمة في ذلك؟

سماحة الشيخ سمعت من بعض الشيوخ أن القراء ن نزل مفرقاً ولم ينزل على النبي دفعة واحدة فما الحكمة في ذلك؟

اتفق أكثر العلماء على أن الكتب السماوية السابقة للقرءان كالإنجيل والتوراة والزبور أنزلت جملة، حتى كاد اتفاقهم أن يكون إجماعًا.

أما القرءان الكريم فقد نزل على سيدنا محمد مفرقا. في الأول نزل القرءان جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في مكان يقال له: بيت العزة، ثم نزل مفرقا على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال أبو شامة: فإن قيل: ما الحكمة من نزوله مفرقا ولم لم ينزل جملة كسائر الكتب السماوية قلنا: هذا كتاب تولى الله جوابه حيث قال وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا أي دفعة واحدة كذلك أي كذلك أنزلناه مفرقا لنثبت به فؤادك أي لنثبت به قلبك فإن تكرر الوحي في كل مناسبة أدعى إلى ثبوته وأكثر اهتماما بالمنزل عليه كما أنه يحصل له به من السرور ما تعجز العبارة عن وصفه, وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان أكرم ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل عليه السلام.

وقيل إن معنى لنثبت به فؤادك لتحفظه فإنه صلى الله عليه وسلم كان أميا وباقي الأنبياء كان يقرأ ويكتب فنزل القرءان عليه مفرقا ليتمكن من حفظه وتثبيته بخلاف باقي الأنبياء فإنه كان يقرأ ويكتب.

كما أن نزول القرءان مفرقاَ أدعى إلى قبوله فلو نزل جملة لثقل على البعض قبوله لكثرة ما فيه من الفرائض والمناهي، فإنَّ بني إسرآئيل لم يقروا بما في التوراة في بادئ الأمر لما أمرهم موسى بما فيها حتى رفع الله فوقهم جبل الطور كالظلة وظنوا أنه سيقع عليهم فأقروا بالتوراة.

وتقرر أنَّ القراءن الكريم نزلَ في ظرف ثلاثة وعشرين سنة ونيف وكان إكتمال نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بفتره.