كبائر الذنوب وتعدادها

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.

الذنوب والمعاصي والسيئات تختلف فمنها ما هو معدود من كبائر الذنوب التي خطرها أشد ووزرها أعظم وعقابها أكبر ومنها: صغائر الذنوب، والكبيرة عرفت بألفاظ متعددة ومن أحسن ما قيل في ذلك كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع أنه كبيرة ، أو جاء الخبر فيه بشدة العقاب أو عُلقَ عليه الحد وشدد النكير عليه فهو كبيرة، وكذا كل ذنب ورد في القرءان أو الحديث أن فاعله ملعون، أو شُبِهَ فاعله بالكافر فهو من الذنوب الكبائر، ومرتكبه يسمى مسلما فاسقاً يستحق على هذا الذنب العذاب من الله تعالى ، فكبائر الذنوب يجب على المسلم أن يبتعد عنها ويجتنبها ولا يقربها لينجو من شرها وإثمها، وباجتنابها سعادة ومغفرة من الله لما سواها من الذنوب الصغائر، قال الله تعالى:(( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً))، وقال الله تعالى:(( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ))، ومجتنب الذنوب الكبائر لا بد له أن يكون على علمٍ بها ليتجنبها ، إذ كيف يجتجنبها من لا يعرفها ؟ ولهذا فإنَّ علماء الأمة في قديم الزمان وحديثه كتبوا في ذلك كتاباتٍ نافعةً ومؤلفاتٍ مسددةً مفيدةً ، ونظموا أشعارا في ذكر وتعداد ما يظن به من كبائر الذنوب ليتعرف المسلمون عليها فيجتنبوها، ولم يثبت بحديث حصر الكبائر في عدد معين، وروى عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قيل لابن عباس: كم الكبائر أهي سبع؟ قال: هي إلى السبعين أقرب. وقيل غير ذلك ، وللعلامة الحافظ الشيخ عبد الله الهرري رحمات الله عليه محاضرات ومؤلفات ذكر فيها عددا من الذنوب الكبيرة نصحية للناس ليبتعدوا عنها، وسنذكرها مفصلة من كتبه ومؤلفاته رحمه وهي : الكفر أكبر الكبائر – قتل النفس التى حرم الله – الزنى- السحر- أكل الربا- أكل مال اليتيم – القَذف – العُجب بطاعة الله – التكبر – الرياء- الحقد- الحسد- المنّ بالصدقة- الإصرار على الذنب- سوء الظن – الفرح بالمعصية - الغدر- شرب الخمر- اكل الميتة والخنزير- غيبة الصالحين- النميمة – القمار- التحريش بين البهائم –اليمين الكاذبة- شهادة الزور- مطل الغنيّ- شتم المسلم ولعنه بغير حق- الظِهار- النذر بقصد حرمان الوارث- الإنتماء لغير الأب- الفتوى بغير علم – الحكم بغير حكم الله - الندب والنياحة على الميت – كتم العلم الواجب- كتم الشهادة- الإستماع لكلام قوم كارهون لسماعه- التطفيف في الكيل – السرقة- النَهب- المكس- الغلول- ضرب المسلم بغير حق- أخذ الرشوة واعطائها- إحراق الحيوان- منع الزكاة – منع الأجير أجرته _ منع المضطر ما يسده – اللواط- التضمخ بالبول- إتيان البهائم- الوطء بالحيض أو النّفاس- السعاية بالمسلم للإضرار به- إباق العبد والزوجة ومن عليه حق يلزمه – التبختر في المشي- عقوق الوالدين- الفرار من الزحف – الكذب على الله وعلى النبي – تشبه الرجال بالنساء والعكس- التشبه بالكفار- الوشم – إسبال الثوب للخيلاء- قطع نفل الحج والعمرة – محكاة المؤمن إستهزاء – إستعمال أواني الذهب أو الفضة- إتخاذ الحيوان غرضا- التبذير- تغير منار الأرض- تحجير المباح – الخروج على طاعة الإمام- إيواء الظالم – ترويع المسلمين – قطع الطريق- ترك الصلوات المكتوبات- نشوز الزوجة _ ترك صيام يوم من رمضان بغير عذر.

 

حكم أهل الكبائر عند أهل السنة

قال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ))، الله تعالى لا يغفر الشرك و لا سائر أنواع الكفر إنما يغفره بالتوبة، التوبة من الشرك هو الدخول في الاسلام و كذلك جميع انواع الكفر التوبة منها بالانتهاء عنها و الدخول في الاسلام فمن دخل في الاسلام و انتهى عن الشرك غفر الله له، محى الله عنه ذلك الكفر فلا يعذبه بحديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم :(( ألم تعلم أنَّ الإسلام يَهدِمُ ما قَبلهُ ). فالكفر لا يغفر إلا بالدخول بالإسلام قال الله تعالى: (( قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ))، إن ينتهوا أي يتركوا الكفر الذي كانوا فيه فإن تركوا الكفر الذي كانوا فيه يغفر لهم ما قد سلف، الكفر هو الذنب الذي لا يغفر إلا بالإنتهاء عنه أما ما سوى الكفر فالله تعالى يغفره لمن تاب و من لم يتب و مات قبل التوبة ، فالله تعالى يغفر ما سوى الكفر لمن يشاء ليس شرطا ان يتوب العبد مما سوى الكفر إنما الكفر هو الذي لا يغفر إلا بالإنتهاء هذا نص القرآن، أما الذنوب سوى الكفر يغفرها الله لمن شاء من المسلمين يعذب قسماً منهم من أهل الكبائر من مات و هو مرتكب للكبائر و لم يتب منها، ومن عصاة المسلمين قسم منهم يغفر لهم و قسم لا يغفر لهم بل يعذبهم و يخرجهم من العذاب و لايأبدهم، هذا الاعتقاد الذي كان عليه أصحاب رسول الله بلا اختلاف بينهم. وليس في تمييز كبائر الذنوب عن صغائرها تشجيع للمرئ أن يخوض في الذنوب الصغائر متكلاً على رحمة الله وغفرانه، بل إنما بيانها هو لتشديد النكير والزجر عن الذنوب جميعها صغيرها وكبيرها، فالصغائر تَجرُ إلى الكبائر والكبائر قد تسوق إلى الكفر وسوء الخاتمة أجارنا الله من ذلك، وسنتابع تفصيل أحكام بعض الكبائر في أعداد لاحقة إن شاء الله تعالى .