الزنى

الزنا، الذي هو من أكبر الكبائر، ومن أفحشها وأشدها؛ لورود النهي الشديد عنه، والتحذير الأكيد منه، حتى ذكر الزنى في الكتاب الكريم في ىية واحدة مع الشرك بالله وقتل النفس، ووِعد صاحبه بمضاعفة العذاب عليه إلا أن يتوب من جرمه قال الله تعالى:( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا)، والزنا حرام بكل الشرائع وعلى لسان كل انبياء الله تعالى لم يحل في شريعة قط قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ} فجعل سبحانه حفظ الفروج هو الأصل، ولم يستثن إلا الزوجة وملك اليمين، وأخبر أن من تجاوزوا ذلك فهم معتدون .وتعريف الزنا الذي من اكبر الكبائر هو هو جماع المرأة من غير عقد شرعي ويكون بإدخال رأس الذكر في فرج المرأة، و يعد الزنى من الذنوب الكبائر وفاحشة من قال الله تعالى:(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً )، فاحشة أي ذنب كبير لايفعله مؤمن كامل فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يَزْني الزَّاني حِينَ يَزني وهوَ مُؤمِنٌ)، معناه لا يكون الزاني والزانية كامل الإيمان ما دام لم يتب من الزنى بل هو واقع في الذنب الكبير إذا لم يستحل هذا الفعل، أما إن إستحل الزنى فقد وقع فيما هو أشد من الزنى وهو الكفر لأنَّ إعتقاد حِلَ الزنى ضدُ القرأن ومن عاندَ القرأن فحكمهُ الكفر. فما أبشع التسرع في الكلام بألفاظٍ فيها إستحلالُ الزنى واستحسانه كقول البعض عند ذكر الزنى "حلال على قلبك" أو قولهم "حلال عليك" وما شابه هذه الألفاظ المستحسنة لجريمة الزنى، وهم يعلمون أن هذا مما حرم الله وأخبر في القرأن أنه من كبائر الذنوب، فمن ابتلي بهذه الجريمة فليتُبْ إلى الله وإياهُ ثمّ إياه أن يزيد في الشر كأن يقول عن فعل الزنى أو مقدماته أنه حلال أو قول "معليش" بالعامية مستحسناً هذه المعصية التى حرمتها معلومة بين الناس، فإنَّ من المعلوم بين الناس جميعهم حرمة ذلك ولا يخفى حكم الزنى لا على عاميٍ ولا خاصٍ من الناس في الغالب، فويلٌ للمستحل لذلك ثم ويلٌ له..!! وويلٌ لمن يفعلُ الزنى، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال:( أن تجعلَ لله نِداً وهو خَلقَكَ، قلتُ: إنّ ذلك لعظيم قلتُ: ثمّ أي؟ قال: أن تَقتُلَ ولدَكَ مخافةَ أن يُطعَمَ معكَ. قلتُ: ثمَّ أيّ؟ قال: أنْ تُزَانيَ حَليَلةَ جَاركَ )، فليس بعد الكفر بالله وبعد قتل النفس أعظم من الزنى في الذنب عند الله. وإنما ذكر في الحديث حليلة الجار لأنه أشد في الحرمة حيث لم يراعي حدود الله ولا حق الجوار وإن كان في غير حليلة الجار حرام أيضاًقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ يَضْمَنْ لِي ما بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَما بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ )، فهذا وعدٌ بالجنة لمن صبر على ما حرم الله تعالى واختار مرضاة الله على معصيته وعذابه وعقابه، ولمن حَفِظَ فرجهُ ولسانه من الحرام، وما جاء من لفظ الزنا في بعض الاحاديث فهو محمول على المجاز ومعناه يؤدي ويوصل اللى الزنى ،فالنظرة المحرمة باب قد يوصل للزنى لذلك سماها النبيّ صلى الله عليه وسلم زنى فقال:(فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ)، ليس معناه الزنى الحقيقي بل مجازاً. وكذا ما جاء في الحديث كزنا اللسان وزنا الفم وغيره .