الحقد

الحقد من الكبائر في بعض صوره لا مطلقًا وهو مصدرُ حقَدَ يحقدُ وهو إضمار العداوةِ للمسلم معَ العزمِ على العمل بمقتضاه بالقول أو بالفعل من غير مخالفةِ ما يستشعر به في نفسه من ذلك بالكراهيةِ كأن يقول في نفسه إن تمكنت من فلان أفعل به كذا وكذا مما فيه إضرارٌ به، فإذا لم يعمل بمقتضى ذلك وكره ما خطر له من إيقاع الضرر بالمسلم ولم يعزم عليه لا يكونُ معصيةً ما لم يعملُ أو يتكلم. ففي الصحيح:«مَن أحبَّ أن يُزحزحَ عنِ النارِ ويُدخَلَ الجنةَ فلْتأتِهِ منيَّتُهُ وهو يؤمنُ بالله واليوم الآخر وليأتِ الناسَ بما يُحبُّ أن يؤتى إليه» رواه مسلم والبيهقي وغيرهما. وإنما قيل مع العمل بمقتضاه بالقول أو الفعل لأن مجرد الجريان بالقلب مما يكثر الابتلاء به فتحريمه من دون هذا القيد فيه عُسر فمجرد أنه يردُ على قلبه لكن لا يريد أن ينفذه بأن يشتمه مثلاً أو يوقع به ضررًا لا يكون معصية أما إذا جزم أن يؤذيه ويضره ولو لم يفعل فعليه معصية. قال القرطبي في تفسيره: "ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا " أي حقدا وحسدا. قال تعالى:(أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ یُخْرِجَ اللّهُ أَضْغانَهُمْ )، قال الرازي في تفسيره: الإخراج بمعنى الإظهار فإنه إبراز، والأضغان هي الحقود والأمراض، واحدها ضغن. وقال صلى الله عليه وسلم:«تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويرد أهل الضغائن لضغائنهم حتى يتوبوا» أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط. وهو لغة إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها. قاله ابن منظور في لسان العرب. ومن وقع في معصية الحقد فليطهر قلبه بالتوبة والإقلاع عن الحقد وقد حثَّ نبينا صلوات الله وسلامه على حب الخير للمؤمنين كحب النفس، ففي الحديث عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يُحبَ لأخيه ما يُحبُ لنفسِه)، ومن أعظم ما يُحبه المرءُ لأخيه نجاتهُ يومَ القيامة وفوزه بالجنة، وفي كتاب الله الكثير من الحَثِ على العفو وعدم حملِ الأحقاد في القلوب كقول الله تعالى:(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا)،(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)،(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، اللهمَّ نسألك أنّ تُطهرَ قلوبنا من الغِلّ والحسَد يا أرحمَ الراحمين.