الغدر

الغدر ضد الوفاء بالعهد تقول غدر إذا نقض العهد، والغدرُ من المعاصي المحرمة وهو من قسمِ الكبائر فالنبي قد عده من خصال النفاق حيث قال صلى الله عليه وسلم:" أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، والغدر كأن يقول لشخص: أنت في حمايتي أو أنتَ في أماني أو لا تخف ثم يَفتِكُ به هو أو يدل عليه مَنْ يفتكُ به ويقتله. ومن الغدر المحرم أن يستودعك الكافر وديعةً ثم تأكلها عليه. ومن الغدرِ المُحرم الذي هو من الكبائر أن يغدر بالإمام بعدَ أن يبايعه بأن يعودَ مُحاربًا له أو يعلنَ تمرده على طاعتهِ وذلك متفقٌ على حُرمتهِ إن كان ذلك الإمام راشدًا، وأما إذا كان غاشِمًا ظالمًا فالغدرُ به حرامٌ عند الجمهور أيضًا، وقال بعض الفقهاء يجوز الخروجُ عليه، والصواب ما عليه الجمهور لِما يترتبُ على الخروج على هذا الإمام الظالمِ منَ الفتنِ وذلك لحديث مسلم أن فضالةَ قال بايعنا رسول الله على أن لا ننازعَ الأمر أهله قال " إلا أن تَروا كفرًا بواحًا ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان" وقال النووي:" لكل غادر لواء. أي: علامة يشتهر بها في الناس؛ لأن موضوع اللواء الشهرة مكان الرئيس علامة له، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحافلة لغدرة الغادر؛ لتشهيره بذلك" ،وفي هذا الحديث دليل على أن الغدر من كبائر الذنوب، لأن فيه هذا الوعيد الشديد وقال النووي في شرح مسلم: وأما الغادر فهو الذي يواعد على أمر ولا يفي به يقال غدر يغدر بكسر الدال في المضارع وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين وقيل لأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء كما جاء في الحديث الصحيح في تعظيم كذب الملك والمشهور أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر وذكر القاضي عياض احتمالين أحدهما هذا وهو نهي الإمام أن يغدر في عهوده لرعيته وللكفار وغيرهم أو غدره للأمانة التي قلدها لرعيته والتزم القيام بها والمحافظة عليها ومتى خانهم أو ترك الشفقة عليهم أو الرفق بهم فقد غدر بعهده والاحتمال الثاني أن يكون المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا يشقوا عليه العصا ولا يتعرضوا لما يخاف حصول فتنة بسببه والصحيح الأول والله أعلم ، وروى البخاري ومسلم:عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا: حدثنا أصلحك الله، بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: «أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله»، قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» قال الحافظ في الفتح قال الخطابي معنى قوله بواحاً يريد ظاهرا بادياً من قولهم بَاحَ بالشيء يبوح به بوحاً وبواحاً إذا أذاعه وأظهره.