النذر بقصد حرمان الوارث

  1. من معاصي اللسان التى هي من الكبائر أنْ ينذرَ الرجلُ نذرًا[1] يَقصِدُ به أن يَحرمَ وارِثهُ فلو وقعَ ذلكَ من شخصٍ لم يَصِحَّ النذر. ومن هذا النذرِ الفاسدِ أن يقولَ نذرتُ مالي للفقراءِ أو لمسجدٍ أو نحوِ ذلكَ بقصدِ حرمان الوارثِ، وكذا يحرُمُ عليهِ أن يهبَ كلَّ مالهِ بقصدِ حرمانِ الوارثِ وهذا أيضًا من الكبائرِ وهو من الاضرار بالوصية المحرم. أما إن كان يعلمُ أن ابنهُ هذا فاسقٌ فاجرٌ يبذّرُ هذا المالَ إن تركهُ لهُ بعدَ وفاتِهِ في الحرامِ ويَفجُرُ بهِ فقال الأب من الآن أنا أنذرُ مالي للفقراءِ أو للمسجدِ أو لشخصٍ معيَّنٍ فنذرَهُ تهرُّبًا من أن يصلَ هذا المالُ بعدَ وفاتهِ إلى ابنهِ الفاسقِ الفاجرِ[2] فليسَ عليهِ ذنبٌ.


  • [1]   قال في تاج العرروس: النذر: النحب، وهو ما ينذره الإنسان فيجعله على نفسه نحبا واجبا. (14/197).

  • [2] وذلك كأن أوصى بحرمان بعض أولاده من الإرث وحصره في واحد منهم فهذه الوصية لا تنفذ لأنها معصية وهو يكون عاصيا من أهل الكبائر بوصيته هذه لأنَّ هذا قطيعة رحم وهي من أكبر الكبائر. أما الهبةُ والتَمليك في الحياة لواحد من أبنائه بغير سببٍ شرعي فهو حرامٌ عند بعض الأئمة وعند بعضهم مكروه هذا إذا كان لا يحصل منه قطيعة الرحم أما إن علم أنه يؤدي إلى قطيعة الرحم فحرام أيضا عند الأئمة الآخرين. أما إذا كان أحد أبنائِهِ بَاراً والآخرون عاقين له فخص هذا البار بهبة في حياته فهذا لا بأس به لأنَ هذا لا يؤدي إلى القطيعة لأنهم يعرفون السبب فيقولونَ أبونا مَلّكَ هذا من بيننا ولم يُملكنا شيئاً لأنه كان باراً به ونحن كنا عاقينَ له، كذلك إن كان بعضهم فقيراً وبعضهم غنياً فخصَ هذا الفقير من بينهم بالتمليك في حياته فلا بأس بهذا أيضاً لأن له سبباً شرعياً. كذلك إن كان بعضهم من ذوي العاهات فخصَّ الذين هم من ذوي العاهات بالهبةِ فمَلَكهم في حياته قسماً من أملاكه فلا بأسَ بذلك أيضا، كذلك لو أعطى الذين هم دَيِنونَ وحرم الذين هم غير دَينينَ فلا بأس، أما الوصية أي إسناد ذلك إلى ما بعد وفاته فهو باطل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم. معناه لا توصوا للوارث لأن الله تعالى قسم الميراث في كتابه في القرءان الكريم قال: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [سورة النساء] وقال عن الزوجة إن حصتها الثمن في حال والربع في حال وكذلك سائر الورثة الذين ذكرهم الله في القرءان، وأن الزوج حصته في حال النصف وفي حال الربع، وأن الأم حصتها في حال الثلث وفي حال السدس، وأن الأب حصته في حال الثلث وفي حال السدس إلى غير ذلك من تفاصيل الواريث.