هل وفيتها حقها؟

هل وفيتها حقها؟

 إستوقفني منذ أيام رؤية البعض مقبلاً على شِراءِ الورود الحمراء وذات الألوان الزاهية وعلمتُ أنّ الأمرَ هو يومُ الأم ..!!، والحقيقةُ إنَّ تسميةَ يوم للأم ليس بشىءٍ، بل إنَّ فيه بعضُ الإجحافِ بحقها إن كانَ على مثل ما يفعلون، فالأمُ عند المسلمين شىءٌ عظيم ذو قدرٍ وشرف عالٍ، اللهُ بالقرءان الكريم أمرَ بالبرِ لها وللأبِ أيضًا. والبرُ ليس وردةً حمراءَ ُتهدى إليها مع أفعال شنعاء ُتُفعل ومع سوء أدب وهجران ؟!، ولا إكراماً بالمالِ مع تنغيصٍ للقلوب وغمٍّ في الصدور، والحقيقةُ اُلمُرَةُ أنّ البِرَ أصبَحَ شيئاً نادراً في كثيرٍ من بيوتاتِ المسلمين وللأسف في أيامنا، بل إنَّ مفهومَ البرِ تغيرَ عندَ الكثيرين جدا، فمنَ البرِ عَدمُ نُكرانِ الجميلِ والفَضل الكبير وهل جَزاءُ الإحسانِ إلا الإحسان؟، الأمُ لا تريد منكَ أموالكَ يا غافل يا عاق!! فقد أعطتكَ  أمك ما لايُقَدرُ بمال..ٍ، ولاتريدُ طعامك أيها المغرور.. فقد غذتكَ من جسدِها من عافيتها وصدرها وعافيتها..، الأمُ تُريدُ أكثرَ من ذلك، وأصعبُ من ذلك على البعض ُ... تريدُ من وقتكَ وقتاً تُشبِعُ به عينَها وقلبها وأنتَ أنتَ وليدها وقد خطفتكَ الدنيا وما فيها عنها واقست قلبك!!، وقد انشغلت عن بر أمك بالزوجة والولد والمال والاصحاب... الأم تريدُ منك كلمةً طيبةً ومعاملة حسنةً تمسحُ بها جراحاتُ الدهر وقسوة الأيام !! وتداوي بها غصاصةَ الشيخوخة والأمراض والهرم، ما ذا تفعلُ أمكَ بالذهب او المال..؟ِ أو بالوردة الحمراء..؟ أو بالهدية..؟ وقلبُها قَلقٌ عليكَ غير مطمئنٌ ولا راضٍ عليك، وأنتَ تمُضي الأوقات الطويلة والساعات والليالي مع الرفاق والخِلان والزوجة وهنا وهناك..، ولا تمضي معها إلا دقائقَ وقد تكونُ مُثقلاً بالضجرِ والمللِ والتأفف..،  ألله أللهَ ألله، لقد رأيتُ هنا في بلاد المهجرِ من يتكلمُ الساعات الطِوال على الهاتف مع البلاد مع خطيبته أو غيرها وليس هناك سوى دقائقُ معدودة للوالدة ثم ينقطعُ الخط..!! بل كُنتُ أسمعُ في البلاد تلمُسَ بعض الأمهات لأولادهم الأعذارَ فتقولُ ولدي مشغول بالدراسة أو العمل أو تظن أن الإتصالُ مكلف من أمريكا؟! فتشفق على العاق الجاهل وتعذره.. وما هي إلا كلماتٌ تتمتمُ بها أن يرزقهُ الله الرزق الحلال ليتصل بها أكثر وأكثر!!  هذه مشاهدٌ وكثير غيرها بل إني رأيتُ في بعض البيوت في هذه البلاد غرفٌ كثيرة كبيرة وداراً وسيعة وفيها متسعٌ حتى للكلاب والقِطط والحيوانات..!! وسمعتُ أن منهم ما عندهُ مكان ليستقبلَ أمهُ الآتية من البلاد حتى لا تحجُزَ حريتهُ مع الزوجةِ المصون..!! وحتى لا تضيقَ الغرُفُ على أولادهِ  فيدفعُ بالأم عند إخوته ويعتذرُ أنّ البيتَ يرشُه ويدهنه ويصلحه و عنده أشغال بالبيت وو.. !!  الله الله كما تدينُ تُدان أيظنُ هؤلاء انهم سيجدونَ أولاداً بررةً يحنّوا ويعطفوا عليهم في الكِبر..؟ وزد على ذلكَ من فنون العقوق فأمٌ تشكو أنحناءَ الظهر وارتعاشَ الأعضاء والأسقام والأوجاع ولا تقوم من مكانها إلا بصعوبة ولم ترى ولدَها الذي حضنتهُ لسنين طويلة وتقول يا ابني تعالَ نراكَ قبل الموت؟ الجواب مشغول وبعد إلحاح الوالده سوفَ أنزل لأخطب فتاة وأرى الوالدة مع ذلك، الأمُ يمتلكَها الفرحُ مع أنهُ نازل للبلاد ليخطب وِدَ امرأةٍ وليس ليحظى برضىَ أمه؟ ودقائقٌ قبل النوم للأم والإجازة كلها للخطيبة وأهلها،!! والأمُ فرحةٌ وهذه الدقائق تجدُها كثيرة ثقيلةٌ على ولدها فتقول لعلك تأخرتَ عن خطيبتك!!  فيا سبحانَ الله الذي أودعَ في قلوبِ الأمهاتِ هذا الحنانَ والعطف والشفقة ولكنّ هل من مُشفقٍ على القلوب الحنونةِ الرحيمةِ !! إنها  قلبٌ شفوق وصدر حنون، مجبولٌ على الشفقة، نفسٌ كبيرة وسعت ما لم تسعه آلاف النفوس، إنها الأمُ التى تقدّم وتضحّى وتبذل، وكمْ تحزن لتفرِحَ وتجوعُ لتشبِعَ غيرها، وتسهَر لينامَ طفلها، وتتحمّلُ الصعاب الصعاب في سبيل راحةِ غيرها، عند ذكرِ الأم عَليكَ أن تذكرَ حَالَ طفولتك وضعفك، تَذكر رقة اعضائك وحجم جسدك، حملتكَ أمكَ في بطنها تسعةَ أشهر وهنًا على وهنٍ بينَ تَمَرُضٍ وضَجَرٍ وثقلٍ، حملتكَ كُرهًا ووضعتكَ كُرهًا أي مع الهمِّ والتعب، تنمو وتكبر وتضعفها، وتحمّلها فوقَ ضعفها عناءً وتعباً، وهي الضعيفة الجسم الواهنة ُالقوى تحملك في احشائها شهوراً، وعندَ الوضعِ والولادةِ زفراتٌ وأنينٌ، غُصَصٌ وآلام الله بها عليم ، ولكنّها تتصَبّرُ وتتصبِّر وتتحملُ، وعندما أبصرتكَ وليدها وضمتك إلى صدرها واستنشقت ريحكَ وتحسست جسدك، نسيتْ آلامها وتناست أوجاعَها، رأتكَ فعلّقت فيكَ آمالها ورأت فيك بهجةَ الحياة وزينتها وقرة العين وفرحتها، ثم انصرفت الى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك وتنميكَ من صحتها، فطعامكَ درّها من صدرها وخلاصة عافيتها ومنامك حجرها الدافُء، تخافُ عليك طنينَ الذباب وحركت البعوض وحر الشمس وبرد الهواء، وتؤثركَ على نفسها بالغذاءِ والراحَة، فلمّا تمَّ فصالكَ وبدأتَ بالمشي ببطء، أخذت تحيطُكَ بعنايتها وتتبعكَ بنظراتها وتسعى وراءكَ خوفًا عليك من السقوط، وجهك فرحتها وصوتكَ  بهجتها و ريحُك طيبهاَ ، سعادتك همها وشغلها، يرخُصُ عندها كلّ شيء في سبيل راحتك وفرحتك،  إنها الأمُ الغالية التى أمرَ الله تعالى ببرها والتى مهما فعل الإنسان لايكافئُها، الأمُ التى لايجعل لها المسلمين يوماً في العام ليُحتَفل بها..!! بل كلُ الأيام وفي حياتها ومماتها دعواتٌ وتكريم وذكرٌ واعترافٌ بالجميل. الذي يجعلُ للأم يوما ًليبَرَها لعله أجحفَ في حقِها وانتقصَ من مقامها لأنّ الشرع يأمرُ بالبرِ والإحسان والدعاء لها طيلةَ أيام العام، رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يمانيًا يطوفُ بالبيت وقد حَمَلَ أمهُ وراءه على ظهرِهِ، فقال أني حملتُها واشهدتها المشاهدَ على ظهري أي عملت أعمالَ الحج على ظهري فهل تَرىَ جَازيتَهَا أديت لها حقها يا ابنَ عمر؟! قال عبدُ الله بن عمر: لا، ولا بزفرةٍ واحدةٍ من ألمِ الولادة. ومع ُكلّ هذه التضحية والتفاني في الحفظِ والرعاية التي تقدمُها الأمُ لوليدِها وفلذةِ كبدِها، مع هذا الحبِ الفياض والعطف والحنان المتدفق نَسمعُ ونرى من صور العقوق ونكرانِ الجميل والقسوة العجيبةِ والغلِظةِ الرهيبةِ وإساءةِ التعامل ما لو أنَّ الواحد لو لم يرى ويسمع  من الثقات لأنكرهُ أشدّ النكير ولما تطرقَ إلى خيالهِ أنهُ الصدقُ والواقع والحقيقة، هل يُصدقُ أنّ شابّاً تَخَلّصَ من أمّه الهرمة العجوز المريضة برمِيها عندَ بابِ أحد المستشفيات!!!، وآخرُ أودعَها دارَ العجزة بحجةِ ترميمِ شقته أو أنها تجِدُ عناية أحسنَ من جواره!!، وآخر يُسمِعُها كلماتِ السبّ والشتائم إذا تكلمت في زوجته وعصت أمرها  انتصر للزوجة وأهان الأم فلا حول ولا قوة إلا بالله. يرويِ أحد بائعي الذهب والجواهر قصة غريبة وصورةً من صور العقوق، يقولُ: دخلَ عليّ شابٌ ومعه زوجته ومعهم عجوز تحملُ ابنهم الصغير، أخذَ الزوج يُضاحِكُ زوجته ويَعرِضُ عليها أفخرَ أنواعِ المجوهرات َتشتَري ما تَشتهَي وتنتقي من غير حرجٍ ولا كُلفة، فلمّا راقَ لها نوعٌ من المجوهرات دفعَ الزوجُ المبلغَ ضاحكاً فرحاً، فقال له البائعُ: بقي مبلغٌ بسيط وكانت الأم الرحيمة التي تحمل طفلهما قد رأت خاتماً فأعجبها لكي تلبسَهُ في العيد، فقال الشاب للبائع: ولماذا هذا المالُ القليل الذي تريدهُ زيادة على سعر جواهر زوجتي؟! قال الصائغ: هذهِ المرأة العجوز التى تحمل الطفل قد أخذَت خاتمًا لها، فصرَخَ بأعلىَ صوته وقال: العجوز لا تحتاجُ إلى الذهب!!، فألقت الأمُ الخاتمَ معتذرة من ولدها وانطلَقت إلى السيارة تبكي من عقوقِ ولدها، فعاتبتهُ الزوجةُ قائلة،ً لماذا أغضبتْ أمكَ؟ فمن يحمِل ولدنا بعد اليوم..؟! ذهب الابنُ إلى أمه وعرض عليها الخاتم فقالت: والله، ما ألبس الذهب حتى أموت. فيا أيها العاقُ إعلم أنكَ مُجزيَ بعملك في الدنيا والآخرة إنّ لم تتب إلى الله من العقوق وتعد لصوابك، فمن المعاصي تؤخَّر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق فإنه بالغالب يُعجلُ له في الدنيا قبل الآخرة، وكما تدينُ تُدان. إنّ حقَ الأم عليكَ عظيم، وشأنها كبير، روى الإمامُ البخاري أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحقُ الناسِ بحُسنِ صحابتي؟ أيّ: مَنْ مِن الناس يَتأكّدُ عليّ حقهُ في التقدير والتوقير والإحترام؟ مَن مِن الناس يتأكدُ عليّ حقهُ في مراعاةِ مشاعرهِ وأحاسيسه، أيُّ الناس يتأكدُ عليَّ حقهُ في رعايته وخدمَته والاستجابة لطلباتِه وتنفيذ رغباته؟ أيُّ الناس يتأكدُ عليّ حقه في الشفقة عليه والإحسان له؟ من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: أمكَ، قال: ثمّ من؟ قالَ: أمُكَ، قال: ثمّ من؟ قالَ: أمك، قال: ثمّ من؟ قال: ثم أبوك . حُسن الصحبة بالأم لا يقلُ مع مرور الزمن بل يزدادُ، الأخلاق مع الأم لا تتغير مع تغيرِ الأحوال، المعاملةُ مع الأم لا تتبدلُ مهما طالَ بها العمر، البِرُ بالأم لا يَضعُفُ بعد عجزها وضعفها، بل يَزدادُ نضارة، البِرُ لايكون فقط عند خدمتها وعطائها. وهذه هي وصيةُ النبي صلى الله عليه وسلم في الأم، فهي أحقُ الناس بالصحبة، وأولىَ الناس بالبر، وأجدرُ الناس بالشفقة والإحسان. هكذا علمنّا ديننا، وهذا ما أوصى به الله ربُنا في القرءان قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]. فهل يجوز للأبناء إذا استوىَ عودُهم واشتدّ ساعدهُم أن يقابلوا الإحسانَ بالإساءةِ والرحمة بالقسوة والعناية بالإهمال؟! وهل يجوزُ للأبناء أن ينسوا معروفَ الأم ولا يذكروا جميلَ صُنعها ولا يكافئوا عظيم إحسانها ؟! وهل يجوز للأبناء أن ينغصوا الحياة على أمهاتهم بتأثيرٍ من زوجاتهم أو جَريًا خَلفَ دنياهم أو سَعيًا على شهواتهم وأهوائهم أو تأثراً بتقاليدٍ ليست من ديننا.؟! روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كانَ في بني إسرائيل رجلٌ ُيقالُ: له جُرَيجْ، كانَ يُصلي ـ أي: في صومعته ـ وكانت تأتيه أمه فتناديه، فيشرف عليها فيكلمها، فأتته يومًا وهو في صلاته فنادته فقالت: أي جُرَيجْ أشرِف عليَّ أكلمُكَ، أنا أمّك، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فاختار صلاته، فرجعت ثم أتتهُ فصادفته يُصلي فنادته، ثم أتته في الثالثة فنادته، فقالت: اللهم لا تمِتهُ حتى تريَه وجوهَ المومسات، ثم هذا العابد افترى عليه بعض الناس من انه تعرض لأمرأة بالفاحشة واظهر الله براءته بعد ذلك، فأنظر إن كان شغل بصلاته وأكيد ليس صلاة مفروضة بل تطوع واجتهاد حصل له ما حصل فما بالكم بمن ينشغل عن أمه بزوجته أو تجارته ودنياه؟! فما بالكم بمن ينشغل عن أمه بمعصية أو هواه؟! قال الإمامُ ابن حَجَر في شرحه لهذا الحديث في فتح الباري: لو كانَ جُريجٌ فقيهاً (أي تعلمَ أمورَ الدين مع العبادة) لعِلمَ أنَّ إجابة أمّه أولى من عبادة ربه أي صلاته بالنوافل والسنن، وقال الإمام النووي: صلاةُ النفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب، وإجابةُ الأم وبرّها واجبٌ، وعقوقها حرام.  ولهذا وضّحَ العلماء ما يفعلهُ المسلم إذا تعارض برّ الوالدين مع عبادة الله تعالى، فإن كانت هذه العبادة فريضة خفّفها وأسرعَ في طاعة والديه، وإن كانت نافلة أي من السنن والتطوع قطعها وأجاب أمّه أو أباه، وان كانت في معصية فلا يلبيهم لأنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق،  وهذا التابعي الجليل أوَيّس بن عامر القرني الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن علوّ منزلتِه عند الله، وأمر صحابته الأخيار بالتماس دعوته وابتغاء القربى إلى الله بها، وما علامته إلا برهُ بأمه. روىَ الإمام مسلم في صحيحه أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتى أهلُ اليمن سألهم: أفيكم أويسُ بن عامر؟ حتى أتى ُأويس، فقال: ُأنتَ أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: كان بكَ بَرَصٌ فبرأتَ منهُ إلا موضعَ درهم؟ قال: نعم، قال: لكَ والدةٌ كنت باراً بها؟ قال: نعم، قال عمر: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أويسُ بن عامر مع أمدادِ اليمن من قَرْن، كانَ به أثرُ بَرَصٍ فبرأ منهُ إلا موضعَ درهم، له والدة هوَ بارٌ بها، لو أقسمَ على اللهِ لأبرَهُ، فإنّ استطعتَ أن يَستغفِر لكَ فافعلْ قال عُمر: استغفر لي، فاستغفر له. فانظر هذا خيرُ التابعين ومن َسماهُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانت علامتهُ من الرسول لمن بعده ليعرفه كانَ باراً بأمهِ.

فالبرَ البرَ  عباد الله، قبلَ فواتِ الأوان فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( رغمَ أنفهِ ثمَّ رغمَ أنفهِ ثم رغم أنفه من أدركَ أبويهِ عندَ الكبَر أحدُهما أو كلاهُما ثم لمْ يَدخل الجنة) رواه مسلم. وذكرُ الأم لا يعنى تركَ برِ الأب بل رَغبَ الشرعُ في برِ الآباء، روى الترمذي عن أبي الدرداء رضيَ الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله  صلى الله عليه وسلم يقول: الوالدُ أوسَطُ أبوابِ الجنة، فإنّ شِئْتَ فأضع ذلكَ البابَ أو احفَظهُ. اليومَ تشهدُ المجتمعات عقوقاً للأمهات والآباء بما فيه الإيذاءُ الشديد أو الأهمالُ لهما لاسيما في حالِ الكبر والإنشغال عنهما وعن تفقد أحوالهم وجبرِ خواطرهم وإنه لمنَ الأنانية والبُهتان أن ينصَرفَ الولدُ عاماً كاملاً عن والديه ليأتى إليهم بيومٍ يُسمى يومَ الأم ليجبُرَ الهجرَ بوردةٍ حمراء أو هديةٍ لا تُشفى جِرحاً ولا تُبلسمُ كَسْراً وإنّ أبدىَ الأهلُ سروراً بها لكن الرضىَ هو النابعُ من القلب الذي بقيتَ بقربِه تسعةَ أشهرٍ تتغذي بنبضاتهِ وربيتَ من الشفقة التى فيه عليه العمر الطويل !!

أيها الأبناء والبنات بِروا أمهاتكم وآباكم البرَ الحقيقى ليس هذا المزيف المُرمَز الموقت المُحدد بيومٍ أو أكثر، بروهم بجبرِ الخاطر والحنّوِ عليهم والدعاءِ لهم والإحسانِ عن أرواحهم  إن كانوا موتى!! وكم من ولدٍ بارٍ أو فتاة بارة قاما من عند والديهما بعد طيب كلامٍ وجبر خاطرٍ ومراعاة وقد فُتحت أبوابُ السماء بدعواتٍ مستجاباتٍ لهما من والديهما الضعيفين الكبيرين، فلايُضيعّنَّ أحدكم هذه الغنيمة الكبرى، اتقوا الله في الوالدين إتقوا الله في الوالدين، سيما إذا بلغا من الكبر والسنّ ما بلغا، ووهن العظم منهما واشتعلَ الرأس شيبًا، إذا بلغت بهما الحالُ ما بلغت وأصبحا ينظران إليك نظر الذي ينتظرُ منك كلمةً طيبة، وهل جَزاءُ الإحسَان إلا الإحسان. وإني سائلاً مسلماً قرأ مقالتى أو انتفعَ بها أن يدعوا لوالدية أو أنّ يقرأَ لهما سورة ((الفاتحة)) ويطلب َمن الله تعالى أن يوصلَ ثوابها لوالدينّا ولأمواتِ المسلمين إن الله سميعٌ مُجيب، اللهمَّ ارحم والدينا واغفر لهم واجزِهم عنا خيرَ الجزاء ياارحم الراحمين.