آيات تدل على عظمة الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى جميع أنبياء الله وبعد . قال الله تعالى:( قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)، قال بعض المادحين:

فياعجباً كيفَ يُعصىَ الإله*** أم كيفَ يجحدُهُ الجاحِدُ

وفــــي كُــــلِ تحريكةٍ آية *** وفي كُلِ تَسكينَةٍ شاهِدُ

وفـــي كُل شىءٍ لهُ ءايةٌ   *** تَدلُ علـــــــى أنَــــهُ واحـــدُ

الليل آية من آيات الله جعله الله سكنافإذا حل وارخى ظلامه عندها أذكر ايها المؤمن قولَ الله تعالى:( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنّ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ)، وتأمل بعده بزوغ الفجر بياضاً كاشفاً عَتمَةَ الليل، وشروق الشمس تملىء الأفق ضياءً ونورَاً !! عندها تفكر في عظمة الله الخالق العظيم وقدرته وعظيم فضله وكرمه وكثرة نعمائه على الناس، قال الله تعالى:( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، تفكر في هذا كله وقل سُبحان الله الواحد الأحد القادر العظيم جلّ جلاله وعظمة صفاته، سبحان الله الخالقُ العظيم معناها أي الله منزهٌ عن كُلِ نَقصٍ وعيبٍ كالشَبيهِ والمَثيلِ والحَّدِّ والمكانِ والصورة والشَكلِ تعالى الله عن ذلك كله وتنزه علوأً كبيرا، والله جل جلاله أعظمُ من كل عظيمٍ في القدر والجَلال وأكبر من كل كبير عظمة وقدراً لا حجماً ولا كمية، واللهُ الخالق وحدهُ المُوجِدُ للأشياءِ من العَدمِ هوَ اللهُ جلَّ جلالهُ لا خالق سواه ولا رب إلاهوَ. وإذا ما رأيتَ الجبالَ الشاهقة الشامخة الراسية الثابتة، تذكر عظمة الله تعالى كيف نَصبَها ورفعَها وأمسَكها بقدرتهِ وجعلَ فيها الفوائدَ ومكنَّ الإنسانَ منَ الصعود والنزولِ عليها..!! قال الله تعالى:( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ)،. فلا إله إلا الله وحده خلق النَحلة وألهمها سكنى العوالي وأرشدها لتسرح بعيدا بعيداً ثم تعود لخليتها من أرشدها لهذا إنه الله جلَّ جلاله.وتفكر من علم النحلة صنع خليتها في دِقةَ ونِظامَ وما فيها من عجيبِ قدرة الله تعالى بطريقة مدهشة مذهلة من الهندسة والنظافة والحفظ للعسل إنه الله العظيم الذي سخرها للبشر!! وانظر في جموع النملِ وأنواعها تحت الأرض وما خلقَ الله فيها من الأعضاء الصغيرة من أرجل وأعين وغير ذلك.. وكيف تحَملِ غذائها وتكوين بيوتاتها وإدخار الحبوب فيها بطريقة دقيقة علمية فيها العجبَ العُجاب..!!، وتأمل فيما خلق الله من مخلوقات عجيبة في هذه الأرض من حيوانات متنوعة هوامٌ ودواب وفَراش ذات ألوان مبهرة وزواحف مختلفة وطيورٍ على أنواعها وأحجامها، وسباع و وحوش في البر والبحر وغيرها، كلُ ذلك ُصُنعَ الله وخَلقَهُ تبارك وتعالى، ثمَّ انظر إلى السماء وما فيها وهى مرفوعةٌ فوقنّا وتَحِملُ ما فيها من مخلوقاتٍ من الجَنّةِ وفوقها العرش سقف لها، والملائكة الكرام سكان السماوات، وتأمل النجوم وزينتها وكثرتها وأضوائها وحركتها، ثم َّالشمس وحسنَها وجمالها مع شدة حرراتها ومشارقها ومغاربها وسيرها بنظام ودقة عجيبة كل ذلك بتقدير العزيز العليم..، واذكر عظيم نفع الشمس وفوائدها، والقمر وجماله ومراحله الهلال ثم البدرُ وإشراقه واكتماله واضمحلالهُ ومنازلَهُ وتحوله من مكانٍ لمكان ومن شَكلٍ لآخر وارتباط الناس به بالشهور والمواقيت على مر الزمان والدهور فلا إله إلا الله.. ، عند تفكرك وتأملك بهذا وأمثاله سترى جمالاً وحسناً مبهراً مُدهشاً يتوقفُ عندهُ أولى الألباب والعقول النيرة أهل الإيمان مُتفكرينَ متبصرينَ مستذكرينَ عظمةَ الخَالقِ العظيم مرددين قوله تعالى:( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، فلا إله إلا الله خالق كل شىء، ثمَّ إنظر إلى نفسكَ التي بين جَنبيكَ وما جعلَ اللهُ فيها من دقة وتطور من حال إلى حال فمن النطفة الضئيلة الصغيرة الخارجة من مسالك ضيقة إلى العلقة الملتصقة بالرحم إلى المضغة المستقرة بحفظ وعناية تعجز العقول فيه ثم طفلاً بجسد ولحم ودم وروح واعضاء ثم شاباً يافعا جلدا قويا ثم كهلا ثم عجوز ضعيف قال الله تعالى :( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)، فيا سُبحانَ من خَلقكَ، وعلى ما شَاءَ جَعلَ صورتك وهيئتَكَ، وأسمعكَ وأبصرك، وأضحكك وأبكاك، وأضعفك وقواكَ، قال الله تعالى:( يا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ). إنَّ الله تعالى صورَ الناسَ ووجوهم وهيأتهم وجعل كل واحد على هيئة وصورة مختلفة فهذا الابيض وذاك الاسمر وما بين ذلك والعيون والمختلفة والألسن واللغات..!! وهو اللهُ من أسمائه المُصّوِر أي خالقُ الصورِ في غيرهِ وهوَ ليسَ بذيِ صورةٍ و لا هَيئةٍ ولا كَميةٍ ولا يُشبِهُ شيئاً من خَلقِه ، تذكر أيها العاقل من أيّ شَىءٍ أنتَ.؟ وأينَ كُنتَ.؟ وكيفَ جئتَ للدنيا.؟ وكمْ أسبَغَ اللهُ عليكَ من نعمهِ.؟، أُذكرْ ضعفَكَ وافتقارك إلى الله تعالى وكم أعطاك من النعم وكم تفضل عليك بالمنن من غير ان تطلب، وتذكر أنَّ اللهَ ربَكَ الخالق المنعم هوَ اللهُ الموصوفُ بالعلمِ والسَمع والبصر والقدرة وكلُ ذلك ليسَ كصفاتِ الخلق، فالله يَسمَعُ المَسموعَاتِ كُلها من غيرِ أُذنٍ وآلةٍ ولا جَارحةٍ بل صفاتهُ لاتُشبه صفات الخلق، وعلمُهُ سبحانه تعالى بالكليات والجزئيات و بالسرائر وما في الضَمائر أحاطَ علماً بالأولِ والآخرِ والبَاطن والظاهر والخفيّات والجَلياتِ والمُمكِنَات والمُستحيلات وما يكونُ وما لايكونُ. قال اللهُ تعالى:( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )، اللهُ الخالق العظيم سبحانهُ وتعالى علم ما كانَ وما سَيكونُ وما لا يكونُ لو كانَ كيفَ يكون بعلمٍ واحدٍ أزلي غيرُ مخلوق، سُبحان الله ربي العظيم الجليل ، الورقة الصغيرة لا تسقطُ من الشجرة إلابعلمه!! والهَمسَةُ الخَفيةُ تلفظ من الشفة بأخفض الأصوات بعلمِه وخلقه!! والكلام الذي يقال مع اختلاف الألسن والأصوات يقالُ بعلمِه وتقديره وخلقِه وإيجاده !!، والنيةُ تُعقَدُ بالقلب من غير تحريكِ شِفاه بعلمهِ ومشيئته وخلقه وإيجاده!!، والقطرةُ الضَئيلة الصغيرة تنزلُ وتتحركُ بعلمِه لا تتحرك ذرة إلا بعلمه جلّ جلاله!!، والخطوات تُنقلُ بعلمهِ وخلقه ومشيئته!!، بل تقليبُ البَصر الذي لايُحصيهِ أحدٌ بخلقه ومشيئته!!، ألا تَرى تَحرك عينكَ يُمنَةً ويُسرةً وفوق وتحت وترى الأحجام الكبيرة كالشمس والصغيرة بذات العين ومرةً تنظرُ إلى الأفقِ وأخرى إلى أنفكَ كُلُ ذلكَ بمشيئة الله تبارك وتعالى جلّ جلاله قال تعالى:( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ )، سبحانه الله العظيم القدير، جاءت الصحابية خَولَةُ بنتُ ثَعْلبةَ تشتَكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها، تُسرُّ إليه بحدِيثها همساً وعائشةُ رضي الله عنها في نَاحيةٍ الغرفة ما تسمَعُ حديثها، وينزّل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوائلَ سورة المجادلة:( قد سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ )، سبحان الذي وسعَ سمعهُ الأصواتَ كلها ، فالله لايخفىَ عليه شىءٌ يَسمَعُ المَسموعات كلها بسمعٍ أزلي يليقُ به سبحانه وتعالى، أرسلَ الله موسى إلى فرعون فذكر موسى جبروتَ فرعون وظلمهُ ، فأوحي الله لموسى بقوله:( إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، ويأتى قومٌ من المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولونَ يا مُحمد صِفّ لنَّا ربّكَ الذي تَعبُدْ ؟ فينزلُ الوحي على رسول الله بسورةٍ جامعة من المعاني العظيمة في توحيد الله تعالى ومن كمال صفاته تبارك وتعالى، وهي سورة الإخلاص قال الله تعالى:( قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ )، اللهُ الصَمَدُ معناهُ: الذي يَسألهُ الخلقُ وهو لا يحتاجُ إلى أحد، الصمدُ الذي يسألهُ الخلقُ عندَ النوائب والخطوب وبالليل والنّهار ومن في الأرض والسماء وهو غنيٌ مستغني عن الكُلِ، فإذا اضطربت بِكَّ الأمور، وضاقتْ بكَّ بالحوادثِ وكثرت عليك النوائب والمصائب، أذكراللهُ تعالى الصَمَدٌ وادعوه إرفع يديكَ إلى السمَاء مُتَنزَلُ الرحمات وقبلة الدعاء وادع السميع البصير الكريم المجيب، بأكفُ الضارعين تطلب وتسأل الله الرزقَ وترجوه رفعَ الضُرِ والبلاء، ومن للمُبتَلىَ إذا اشتدت بليتهُ وأدلهَمَتْ كُربتُه وضاقت به الدنيا مفرجا لكربه إلاّ الله رب السموات مجيب الدعوات..؟ من لهُ غيرُ الله الصَمد يُرجع إليه .. ومن له غير الله الصمد يَشكو إليه، والمريض الذي ضاقت به الحيل على سرير المرض وانقطعت به السُبل وضعف الأمل، من لهُ عندها إلا الله الذي يشفى ويعين، فيا أيّها العبد إبتَهل وتضرع إلى الله وابكى وادعو الله وألح بالدعاء.. تائباً متذللاً لمن يستحق العبادة ربنا الله العظيم الواحد الرحيم المغني، فالله يشافي ومن المرض يعافي، قال الله تعالى:( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، ومن توالت عليه المصائب وضاقت به السبل وهو في حال الضرورة والعجز من له إلا الله يدعوه يرفع الضر قال الله تعالى:( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)، الله تعالى العظيم القادر لاإلهَ إلا هوَ رب العالمين، علينّا عباد الله بالتفكر في عظيم قدرة الله، والنظر في ملكوته لمعرفةِ جبروتهِ بالنظر بعين الإعتبار في الخلق يدلُ على الخالق العظيم، من تَبصرَ في الكون وجِدَ آياتٍ وعلاماتٍ تدلُ على أنَّ اللهَ هوَ الخالق الذي يجبُ علينّا أنّ نعبده ونعظمه ونؤمن به ونعتقد بصفاته كالعلم والسمع والقدرة والإرادة والحياة وأنه مُنزهٌ عن مشابهة الخلق وهو سبحانه كلامه ليس ككلام البشر، البَشر يتكلمون بالحرف والصوت المخلوق، وكلامُ الله تعالى ليسَ بحرف ولا صوت ولايشبه كلام البشر، وكذا سَمعه وبصرهُ وحياتهُ وبقائه وسائر صفاته، جلّت عظمتهُ وتنزه عن كل ما لايليق به، على هذا يا عبدَ الله تَفكر في خلق الله لتذكرَ وتتذكر آيات وعلامات ودَلالاتٍ تدلُ على عظمة الله تعالى الذي ما من شىءٍ إذا نُظرَ فيه بعين الإعتبار إلا و كأنَّ لسانُ حالهِ يقول "الله خَلقني " ويدل على وجود الله الخالق العظيم سبحانه وتعالى.

اللهمَّ نسألك التوفيق لطاعتك والثبات على دينكَ والهمنا شكرك وذكرك يا أرحم الراحمين.