ليلة القدر

ليلة القدر

إنّ مِن خصائص شهر رمضان المبارك اشتمالَه على ليلةٍ هي أفضل الليالي وأشرفها على الإطلاق، ألا وهي ليلةُ القدر، تلكم الليلة التي عظّم الله شأنَها ورفع قدرَها ونوّه بذكرها، فأنزل في فضلها آياتٍ من كتابه العزيز. هذه الليلة المباركةُ ليلة الشرف العظيم التى نالت بها أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم من الخير والفضل الشىء الكثير.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهِد في تحرِّيها، فاعتكف العشرَ الأواخر من رمضان تحرِّيًا والتِماسًا لتلكم اللّيلة العظيمة وهي ليلةٌ في العشر الأخيرةِ، وقد تنتقِل، وقد تكون في الأشفاع وفي الأوتار، وإن كان بعض اللّيالي أرجى من بعض، لكن الله تبارك وتعالى أخفى تعيينَ تلك الليلة لكي يجتهدَ المسلمون، فيتقرّبوا إلى الله بدعائِه وذكره، فيزدادوا قُربًا من ربِّهم، وتعظُم أجورهم، وهي ليلةٌ قال الله في كتابه العزيز حم  وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ  أَمْرًا مّنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ  رَحْمَةً مّن رَّبّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ [الدخان:1-6]، فأخبر تعالى في هذه الآيات عن ابتداءِ إنزال القرآن بقوله: إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ أي: القرآن العزيز فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ، وصفها بأنّها ليلة مباركة لكثرةِ خيرِها وفضلها، وعظيمِ ما يعتق الله فيها من النّار، ثمّ قال: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مّنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، في هذه الليلة يعطَى الملائكة الموكّلون بشؤون العبادِ بأمرِ الله فيفصل لهم من اللّوح المحفوظ أحداثُ ذلك العام ابتداءً من ليلة القدر إلى مثلِها من العام الآتي.

ولقد بيّن الله فضلَ هذه الليلة فأنزل فيها سورةً تتلى إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ [القدر:1-5]. فهي ليلة ذات شرفٍ وقدْر، وهي  لَيْلَةُ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ العمل الصالح في تلك الليلة يعدل العملَ الصالح في ألفِ شهر سواها، كلّ ذلك من فضلِ الله على هذه الأمّة، ولذا من قامها إيمانًا واحتسابا غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ، علِم بتلك الليلة أو لم يعلَم بها، في هذه الليلة تتنزّل الملائكة والرّوح أي جبريل. الملائكة عبادُ الرحمن، عبادٌ مكرمون،  لنفع المؤمنين وحفهم بالبركات فجدّ واجتهد وتقرّب إلى الله بصالحِ العمل، وادعُ ربّك راجيًا راغبًا خائفا طامعًا في فضله،  خائفًا من عقابه مستغفراً من ذنبك.