قال الله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾، وأصل الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته، حتى يُخيَّل إلى مَن يسمعه أو يراه أنَّه خلاف ما هو عليه الباطل والكذب. وسمي زورا لأنه أميل عن الحق، ومدينة زوراء، أي مائلة.

قوله: تزاور عن كهفهم [الكهف/17]، أي: تميل

 وكل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزور، فمن يشهد أمام حاكم أو نحوه كذباً وزورا سواء لأجل مالا دفع له او لأجل قرابة او صحبة افترى الكذب على غيره لما في هذه الشهادة من ضياع الحقوق، وإعانة الظالم، وإعطاء المال أو الحقوق لغير مستحقيها، وشهادة الزور من الكبائر؛ ودليل ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر؟ فقال:( الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور)،وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(عَدَلَتْ شهادةُ الزورِ الإشراكَ باللهِ)، أي شُبِّهَتْ بهِ وليسَ المرادُ أنها تنقلُ فاعِلها عن الدِّين. والحديثُ رواهُ أبو داودَ والبيهقي. فمن شَهِدَ بأنَّ لفلان على فلان مالاً مثلاً زورًا وكذِبًا إرضاءً لصديقهِ أو قريبِهِ وقعَ في ذنبٍ من أكبرِ الكبائر .ولا فرق بين أن يكون المشهود به قليلاً أو كثيرًا، فضلاً عن هذه المفسدة القبيحة الشنيعة، روى الإمام أحمد والترمذي:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا فقال: "أيها الناس: عدلت شهادة الزور إشراكاً بالله ثلاث مرات، ثم قرأ:(فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)".وفي الصحيحين عن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله. وعقوق الوالدين. وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. قال النووي في شرحه على مسلم وأما قوله فكان متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت» فجلوسه صلى الله عليه وسلم لاهتمامه بهذا الأمر وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه وأما قولهم ليته سكت فإنما قالوه وتمنوه شفقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكراهة لما يزعجه ويغضبه .أهـ