عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. اخرجه ابن ماجه. معاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري أحد أعلام الصحابة الكرام أشتهر بالزهد والورع والجهاد ونشر تعاليم الإسلام وقد ذكره النبي فقال صلى الله عليه وسلم في حديث ذكرَ فيه بعض أصحابه فقال صلى الله عليه وسلم: وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل  هذا الصحابي الجليل سافر إلى الشام وكانت أرضاً للروم أيامها وكانوا من عادتهم أنهم يسجدون لزعمائهم وعلمائهم ويسمونهم البطاركة والأساقفه، فلما رأى  معاذ رضي الله عنه ذلك وجدَ من نفسه أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أولى بهذه التحية، فلما وصل المدينة ورأى النبيَ خَرَّ ساجداً للنبي تحية لا عبادة، لأنَّ معاذ رضي الله عنه وهوأعلم الأمة بحلالها وحرامها لايخفى عليه أنَّ عبادة غير الله كفرٌ وإشراك لا خلاف فيه. ومعاذ بن جبل هو الذي أرسله النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى البلاد ليعلم الناس الإسلام ويأمرهم أن يسجدوا لله تعبداً لا لغير الله تعالى، ولكنَّ مُعاذ رضي الله عنه  أراد سجودَ التحية والإجلال والإحترام لا سجودَ العبادة وهذا واضح جلي، وكانَ هذا النوع من التحية بالسجود جائز في الأمم السابقة كما في القرأن العظيم في قصة سجود الملائكة لآدم عليه السلام، قال الله تعالى وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ فلم يأمر الله الملائكة أن تعبد آدم ولكن أن يسجدوا له إحتراماً وتحية، وكذلك في قصة نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام وأبويه وإخوته أنهم سجدوا ليوسف تحية وإعظاماً قال الله تعالى وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا. وفي حديث معاذ رضي الله عنه البيان أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم منع هذه التحية في أمته وحرمها عليهم وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: لا تفعل معناه حرام على الإطلاق في شريعة النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم سجود الإنسان لإنسان كالسجود للملوك والمشايخ ونحوهم، وأما السجود لصنمٍ إعتقاداً أو بغيرإعتقاد فهو كفرٌ بلا شك، وكذلك الذي يسجد للشمس أو نحوها أو يسجد لأي مخلوق ءاخر لعبادته فهو كفر، فمن رأيناه يسجد لإنسان لانحكمُ بكفره حتى نعلم أن مراده العبادة التى هي غاية الخشوع والتذلل، أم التحية فقط، ولكن من سَجَدَ للصنم فإنه يُحكمُ بكفره ولا يسأل هل نويت العبادة أم نويت غير ذلك، وفي الحديث أيضاً بيانُ عِظم حق الزوج على زوجته لأنَّ النبىَ صلى الله عليه وسلم أوضح وضوحاً تاماً حق الزوجة على زوجها وما له عليها من الفضل بحيث لو كانت هذه التحية جائزة لكانت الزوجة أولى بفعلها للزوج إحتراماً، ولكنها حرام في شرع محمد صلى الله عليه وسلم .