جماع الزوجة في وقت الحيض أو النفاس ذنب من الكبائر سواءٌ كان بحائلٍ أو بدون حائل، وكذلكَ بعدَ انقطاع الدم وقبلَ الغسل، وكذلكَ يحرمُ بعدَ الغسلِ الذي لم يقترن بهِ نيةٌ كأن لم تنوِ رفعَ الحدثِ وإنما نوت التنظّف أو التبرد أو نحوه من غير نية رفع الحدث. وكذلكَ بعدَ الغُسلِ بنيةٍ لكنْ من غير استيفاءِ شروطِ الغسل كأن اغتسلت المرأة ولم تعمم كل البدن بالماء أو كان على أظافرها طلاء يمنع وصول الماء للأظفار، ويقومُ مقامَ الغسلِ التيمم بشرطه. قال الفقهاء يكفرُ مُستحلُّ وطءِ المرأةِ في حالِ الحيضِ أي لأنّ حُرمته معلومةٌ من الدين بالضرورة. وما ذُكرَ من حرمةِ الوطءِ قبلَ الاغتسالِ أو التيمم ليسَ مُتفقًا عليه بل يجوزُ عندَ أبي حنيفةَ قبل ذلكَ أي قبلَ الغسلِ وبعدَ انقطاعِ الحيضِ وغسلِ فرجها. لقول الله سبحانه وتعالى:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). فمن فعل شيء من ذلك فعليه التوبة إلى الله، والندم على ما فرط به ، ويسن ولا يجب لمن وطئ الحائض في قبلها إذا كان عامدًا مختارًا عالمًا بالتحريم بالحيض أن يتصدق بدينار إن وطئها في إقبال الدم وبنصفه إن وطئها في إدباره لخبر: "إذا واقع الرجل أهله وهي حائض إن كان دمًا أحمر فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار" رواه أبو داود والحاكم وصححه. وكالحائض فيما ذكر النفساء. ويجوز للرجل مداعبة الزوجة في الحيض والنفاس والتقبيل والمضاجعة من غير إدخال ولا يمنع من شيء من المتع إلا الجماع وما دونه فهو مباح باتفاق العلماء لما صح من فعله عليه الصلاة والسلام فعن حكيم بن حزام عن عمه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم:( ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار)، ولما رواه زيد بن أسلم أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال صلى الله عليه وسلم:" لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها"، أما الاستمتاعُ بغير الوطء فهوَ جائزٌ إنْ كان فيما عدا ما بينَ السرةِ والركبة ويحرمُ فيما بينَ السرة والركبة إنْ كان بلا حائل، وفي المذهب أي الشافعي قولٌ بجوازِ الاستمتاعِ بالحائضِ بغير الجماع أي بغير إدخالِ الحشفةِ في الفرجِ مُطلقًا، أي إن كانَ بحائلٍ أو بلا حائل وهو ظاهرُ حديث مسلم: "اصنعوا كل شئٍ إلا النكاح". وبدنُ الحائضِ طاهرٌ وكذلك عرقها ودمعها وريقها فلا تُكرهُ مُخالطةُ الحائضِ فمن قال بذلك فقد وافقَ اليهودَ في عقيدتهم لأنهُ صحَّ في الحديثِ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرءانَ ورأسهُ في حجر عائشةَ وهيَ حائض" قالت السيدة عائشة رضي الله عنها:(كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئ فِى حِجْرِى وَأَنَا حَائِض فَيَقْرَأ الْقُرْآن) رواه البخاري، وصحّ "أن عائشة كانت تُسرِّحُ لهُ شعرهُ وهيَ حائضٌ والرسول مُعتكفٌ في المسجدِ يُدني لها رأسه" أي يُخرجُ رأسه إلى خارج المسجد من غير أن يفارقَ المسجدَ وهيَ خارجَ المسجد وذلكَ لأنّ بيتَ عائشة مُلاصق المسجد لا يحجزُ بينهما إلا جدارٌ خفيفٌ. فليحذر من إعتقاد نجاسة بدن المرأة الحائض وغيره مما ينشرنه جماعة في بلاد الشام يسمون القبيسيات أو السحريات نسأل الله السلامة والنجاة.