مع قدوم موسم الصيف والسفر تزداد حاجة المسلم لمعلومات وإرشادات ومسائل فقهية متعلقة بأحكام السفر والمسافرين، هذا و تختلف مطالب الناس من السفر، فذاك طالبُ علمٍ، وآخرُ سائح، وثالثهم زائر للأهل والأرحام، بل إنّ من الناس من لا يجدُ رزقه إلا في السفر والذهاب والإياب والترحال، وعلى كلٍّ فإن السفر كغيره من الأمور ذو محاسن ومساوئ، فمن محاسنه أنه يفرّجُ الهمَّ فإن طبيعة البشر تقتضى أنَّ الملازم لمكانٍ واحد أو طعام واحد يسأمُ منه ويَملَهُ لطول واستمرار، وفي السفر إكتساب المعيشة وفي بعض أمثلة العرب يقولون: "البركاتُ مع الحركات"، ويقول أحدهم: "صعودُ الآكام وهبوط الغيطان خيرٌ من القعود بين الحِيطان".  وما اكتُسبت العلوم والآداب والأخلاق إلا بالسفر والترحال والتنقل في البلاد، فهذا جابر بن عبد الله الصحابي الجليل سافر في طلب حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدٍ مدة شهر لطلب علم الدين وليسمعه مشافهة ممن سمعه، وأعظم ما في السفر التفكرُ في عظمة الله تعالى وقدرته مما يزيد العبد على شكر ربه وحمده وكثرة ذكر الله تعالى، فالناظرُ في ملكوت الأرض وما فيها من العجائب واختلاف الألوان والطبائع والشعوب يستحضر عظمة الخالق الذي أوجدَ كل شىء بقدرته فيلهجُ لسانه بتسبيح الله وتعظيمه ويزداد معرفة بأنَّ الله هو الواحد الأحد الذي أبدعَ الأشياء كلها وهو غنيٌ عنها بل جعلها لعباده متاعاً وسخرها لهم لينتفعوا بها فضلا منه سبحانه وتعالى. ومن فضائل السفر أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار ومن بدائع الأقطار ومحاسن الآثار ما يزيده علماً بقدرة الله عز وجل ويدعوه إلى تذكر نعمه".

وللسفر مساوئ منها أنه قطعة من العذاب، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول صلى الله صلى عليه وسلم قال: السفرُ قطعة من العذاب، يمنعُ أحدكم طعامه وشرابهُ ونومه، فإذا قضىَ نهمَتهُ فليُعجل إلى أهلهِ، فأنَّ في السفر من فقد الأحباب وتقطيع الأوصال واقتحام المخاوف والسهر والتعب وغير ذلك ما ينتج عنه إنزعاج وكربة، ولا يزالُ الناس منذ تقادُم العصور يذهبون ويغدون ويسيرون في أرض الله الواسعة، بل لقد جعل بعض الناس السفر عادة عندهم، وكأنه أمر مٌحتم عليه لابدَّ منه.

وإنَّ خير السفر وأفضله السفر في طاعة الله، كأن يكونَ سفرًا لأداءَ عبادة أو بِراً والد ين أو صلة رحم أو طلب علم مفيد، أو يكون سفر حج بيت الله الحرام أو لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو السفر لتحصيل قوت ومعاش، أما السفر لمعصية الله فحرام يأثم به صاحبه. وفي هذه الأزمان يختلف السفر عن قرون مضت وأيام خلت، فقد مُهِّدت الطرقات وأنشِئت العربات الآلية بشتى أنواعها، فهي تسير بهم على الأرض إن شاؤوا، أو تقّلهم الطائرات في الهواء إن رغِبوا، أو تحملهم السفن في البحر إن أرادوا، كما أنّ الأزمنة قد تقاصرت، فما كان يتمّ في شهور بشقّ الأنفس صار يتمّ في أيام بل في ساعات قلائل بل وبجهود محدودة، فلربمّا أصبحَ الرجلُ بالمشرق وأمسى ببلاد المغرب ونحو ذلك.

ومع كل هذه السرعة وكل هذا التيسير، إلا أنَّ الأخطار في الأسفار تبقى وإن تغيرت بين الماضي والحاضر، فمن كان في الماضي يخشى قطاع الطرق يخاف اليوم سقوط الطائرات والأوبئة والأمراض التى تفتك بالناس، فيؤكد ذلك كله وجوب الثقة بالله والتوكل، وفعل الآداب النبوية من مثل التأدب بآداب السفر والبعد عن معصية الله في هوائه بين أرضه وسمائه ولأنَّ السفر فيه بعض المشقات رخص الشرع في بعض المسائل التى يحتاجها المسافر عند حطه وترحاله ومنها:

* قصر الصلاة الرباعية بحيث تصلى ركعتين قال تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً، وعن يعلي بن أُمَيَّةَ قال قلت لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ فليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا من الصَّلَاةِ إن خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُو فَقَدْ أَمِنَ الناس فقال : عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ منه فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بها عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ رواه مسلم.

ورخص في السفر أيضاً: الجَمع بين الصلاتين فيسن للمسافر إذا جدَّ به السير أن يجمع بين الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء جمعَ تقديم أو تأخيرٍ يَفعل الأيسر عليه لحديث عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ في السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حتى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. رواه البخاري ومسلم ولا يمكن الجمع بين أكثر من صلاتين كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء. فلا يصحُ جمع العصر مع المغرب ولا الصبح مع الظهر ولا العشاء مع الصبح بل فقط الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء تقديما أو تأخيرا ًفقط ، فما يفعلهُ البعض في أيامنا من أنهم يجمعون الصلوات كلها بداعي الترخص بالسفر فهذا غيرُ صحيح، فإنّ البعض يبقى أثناءَ السفر طيلة النّهار متجولاً ثمَّ في المساء لما يعود للمنزل أو الفندق جمع الكُلَ والبعض يفعل أكثر من ذلك فيترك الصلاة طيلة وقت السفر حتى يعود إلى بيته وذلك بحجة السفر أو أنَّ ثيابه متسخة ونحو ذلك، فالرخصة بالسفر تبيحُ الجمع والقصر ولا تُسقط الصلاة بالمرة !!

ومن أرادَ الجمع للصلاة في السفر له أن يقدمَ أو يؤخر وطريقة التقديم هي: أن يقدم الصلاة الثانية إلى وقت الأولى فمثلاً من أراد أن يقدم العصر إلى وقت الظهر يصلي الظهر بالأول ثمَّ وهو في الصلاة ينوي تقديم الصلاة الثانية يقولُ في نفسه نويتُ تقديم العصر إلى الظهر وذلك بالقلب من غير تلفظ بللسان، وبعد السلام من صلاة الظهر يقوم للعصر في وقت الظهر. ولا ينبغي أن يفصل بينهما بوقتٍ طويل بل يفصل بالسلام من الأولى ويقوم للثانية وهكذا يفعل بين المغرب والعشاء.

وأما من أراد التأخير أي تأخير الأولى للثانية كمن أراد تأخير الظهر إلى العصر: فبعد دخول وقت الظهر يقول في نفسه أُؤخر الظهر ويمضي لما هو فيه ثم في وقت العصر يصلي الظهر تأخيراَ ثم يقوم لصلاة العصر وللمسافر الخيار بين الجمع فقط أو الجمع مع القصر وله أن يُصلي من غير جمع ولا تأخير ولكن هذه رخصة يسّرَ الله بها على المسافرين.

وينبغي للمسافر أن يحرص أيضاً على تعلم معرفة اتجاه القِبلة في النواحي التى يريدها فإنَّ إستقبال القبلة لابُد َمنه لصحة الصلاة ولو في السفر، فهذا مما يُنبهُ له المسافر وغيره ووجوب العناية بمعرفة جهة القبلة، والإحتياط لها بما يدلُ عليها سواءٌ بالأجهزة الحديثة كالبوصلة ونحوها أو بسؤال أهل المعرفة الثقات عن الجهات، ومن المقرر عند أهل العلم بالإجماع انّ من كان في غربِ مكة صلى إلى شرقها ومن كانَ في شمالها صلى إلى جنوبها ومن كان في الشمال الغربي كأهلِ أمريكا الشمالية صلى إلى الجنوب الشرقي وهذا المقرر من المجامع الفقيهة كالأزهر الشريف وعلمائه، قال الله تعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، وكذا من كان يسافر بالطائرة فليس له ترك التوجه للقبلة ولا الصلاة وهو على مقعده لغير عذر بل يجب عليه الاتجاه للقبلة فمن كان في رحلة طويلة بالطائرة فله أن يؤخر ويجمع ويصلي عند الوقوف أو تبديل الطائرة بطريقه، ومن كانت رحلته أكثر من وقت الجمع فيقف في مكان من الطائرة ويتجه إلى جهة القبلة حيث إنّ الطائرة في الغالب أثناء الرحلة تكون في اتجاه واحد لمدة ثم تنحرف.

وليس حسنٌ فعل البعض من ترك الصلاة أوفعلها على المقاعد من غير وقوف لصلاة الفرض إلا لمن كان معذوراَ في الوقوف فيستقبل القبلة ويصلي قاعداَ، ومن قال إنّ الدين يسرٌ ونحن في السفر، فيقال له يُسرُ الدين كما جاءت به الشريعة لاكما يحلو للإنسان وما لا تعب به عليه ، وأما وما ورد من الصلاة إلى غير جهة القبلة فتلك رخصة للمسافر الراكب على الدابة المتنفل أي في صلاة السنة فله أن يُصلى النوافل لا الفرض فيبدأ بالتوجه إلى الكعبة ثم يتوجه إلى جهته وهذا معنى الآية: وحَيثُ ما كنّتم فثمَّ وجهُ الله أي ثمَّ قبلة ُالله للمسافر المتنفل الراكب كالذي يريدُ صلاة قيام الليل وبتوجُههِ للقبلة ُيضيع الرفاق أو يَتوهَ عن جهةِ مقصده فهذا يصلي إلى أيّ جهة كانت، فيجوز للمسافر أن يصلي قيام الليل والوتر وصلاة الضحى وغيرها من النوافل على الراحلة وهي تسير به أينما اتجهت، ففي حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في السَّفَرِ على رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ إلا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ على رَاحِلَتِهِ رواه البخاري.

وللمسافر أيضاً الترخص بالفطر في نهار رمضان قال تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليسَ من الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا في السَّفَرِ رواه مسلم معناه من كان في سفر وكان السفر فيه من المشقة ما لايحتمل فالفطر أولى، أما من كان في سفر ولا مشقة فيه كأن كان بالطائرة المُريحة والوقت ليس بالطويل فهو على التخيرِ له ان يُفطر وله ان يصوم من غير مشقة ولكنّ المثابرةَ على الصوم في السفر من غير مشقة احسنُ لقوله تعالى: وأنّ تَصوموا خيرٌ لكمْ.

وللمسافر ايضاً رخصة زيادة مدة المسح على الخفين إلى ثلاث أيام بلياليهم حيث إنّ المسح لغير المسافر وقته يوم وليله وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهم فعن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضيّ الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: رخصَ بالمسح على الخف ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ رواه مسلم.

وللمسافر رخصة في عدم وجوب صلاة الجمعة عليه لأن من شروط وجوب الجمعة الإقامة والمسافر ليس مقيما فليس للمسافر جمعة . بل يصلي المسافر أربع ركعات أو ركعتين مقصورة وله أن يصلي الجمعة لكن لايجب عليه، وهذه الرخص الفعلية والتركية ينبغي على المسافر المحافظة عليها لقوله صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الذي رَخَّصَ لَكُمْ رواه مسلم و لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يُحِبُ أن تؤتىَ رُخصَهُ كما يُحبُ أن تؤتىَ عزائِمُه رواه ابن حبان، فإتيانُ الرخص الشرعية عبادة يَغفلُ عنها كثيرٌ من الناس فيشقون على أنفسهم بتركها ظانينَ أنّ الأفضل تركها بينما في فعلها أجر وهو إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم سفراً وحضراً عزيمةً ورخصة ، وهذه الرُخص ذكرَ العلماء شروطاً لجواز الترَخصَ بها في السفر وهي:

١- أن يكون السفر مسافة قصر وهي مرحلتين أي مسيرة يومين بسير الإبل المُحملة، وتعادل تسعة وثمانين كيلو متر على رأي الكثير من العلماء، أي ما يقارب الستين او السبعين ميلاً على حساب الميل في أمريكا. 

٢- مفارقة محل الإقامة يظن كثير من المسافرين أن المسافر لا يحل له الترخص حتى يقطع مسافة القصر وهذا خلاف الصحيح بل للمسافر أن يترخص بتلك الرخص إذا تجاوز البُنيان، أي فارقَ عُمران البلد وهو المكان الذي يُعد في العُرف خارج حدود البلد، فبعد مجاوزة العمران للمسافر أن يترخصَ بالرُخص الشرعية كما ليس له الترخصُ قبل تلك المرحلة فما يفعلهُ البعض من جمع الصلاة أو تقديمها قبل الخروج للسفر في بيوتهم فغير صحيح حيثُ أنَّ الرخصةَ للمسافر وليست لمن ينوي السفر فمن عزمَ على السفر واستعدَ له ليس لهُ الجمعُ والقصر في بلده قبلَ مفارقة العُمران، لأنه قبل ذلك لايكونُ مسافرًا.

٣- أن لا يكونً السفرُ سفرَ معصيةٍ فهذه الرخص مشروعة لمن سفرُه سفرَ طاعة أو سفراً مباحا أما العاصي بسفره كقاطع الطريق فلا يترخص بها لأن الرخص لا تُناط بالمعاصي ومن ثم لا يستبيح العاصي بسفره شيئا من رخص السفر مثل المرأة المسافرة بمعصية كالتى تسافر بغير محرم لغير ضرورة شرعية فهذه لاتترخص برخص السفر وكذا ما شابهها ،

هذا وقد رأينا كيف أنّ الشرع قد عُني بالسفر عناية فائقة، فجعل له أحكامًا تخصه، بل لقد تفضل الله على عباده وخفّف عنهم من مشقة السفر بأن يسّر لهم العبادات، فالصلاة تقصر وتجمع، وليس من البر الصيام في السفر، بل لقد منّ الله منّة عظيمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا مرضَ العبد أو سافر كُتِبَ له ما كانَ يعمل مقيمًا صحيحًا.

والمسافر أيضاً ينبغي أن يلتزم حال سفره بآداب، فإذا ركب راحلته قال ذلك الدعاء المشهور: سبحان الذي سَخر لنا هذا وما كُنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون وإذا نزلَ منزلاً قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد سفرًا فأوصني، قال: عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف  معناه يسنُ التكبير إي قول الله أكبر عند كل إرتفاع والتسبيحُ عند الهبوط وذلك تعظيماً لله تعالى خالق الجهات والإتجاهات وهو سبحانه وتعالى لاتحويه جهة ولا مكان، فالتكبير يستَحضرُ المؤمن أنّ الله تعالى أكبرُ من كل شىء قدراً وعظمة لاحجما ولا جسما فالله مستحيل عليه ذلك، وبالتسبيح يستحضر المؤمن تنزيه الله تعالى عن مشابهة الخلق وتعاليه عن أن يحتاج لخلقه سبحانه وتعالى. وفي تعظيم الله وذكره ما يترك في نفس المسافر المؤمن زيادة التعظيم لله خالقه والبركة في سفره، وروى أبو داود والنسائي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعَ عبد الله بن عمر عند سفره فقال: (( أستودع اللهَ دينك وأمانتَك وخواتيم عملك.

وأخيراً على المسافر أن يتذكر السفر الأخير وهو الانتقال من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة بالموت قال تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، وقال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ    ، وقد ذكر العالم المؤرخ إبن الجوزيّ  في كتابه التذكرة فقال: الثواب في الدنيا قليل ولنا عليها حسابٌ طويل فتهيأ للنقلة عنها قبل أن يزعجك الرحيل ليس لك في سفرالآخرة زادٌ إلا ما قدمت ليوم المعاد .

و أنشد بعضهم:

مشيناها خطى كتبت علينا                  ومن كتبت عليه خطى مشاها 

وأرزاق لنــا متــفــرقـات                فمـــن لــــم تأتــه منـــا أتاهـا 

ومـن كتبـت منيـته بأرض               فليس يموت في أرض سواها

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين و أحفظ المسافرين منّا وردَّهم ألينا سالمين يا أرحم الراحمين.