الطلاقُ وأحكامُه

الطلاق في الشرع لا ينبغي أن يكونَ بالتسرع، وإنَّما يكون عندما تتعذّر الحلول كلّها وتسد الطرق للعلاج يأتي الفراق كحلٍ بين الزوجين، عندَ ذلك يكون الحلُّ بالطلاق للفصل، والطلاق هو أن يتلفظ الرجلُ بلفظ الطلاق وذلك لفَكِ العقد الذي بينهُ وبين تلك المرأة، ولقد شرع الله الطلاق لأنّ فيه مصلحة لكلا الطرفين في حلِّ النزاع والشقاق، وهذا الطلاق يكون في بعض الأحيان من أبغَضِ الحلالِ عند الله كما قال صلى الله عليه وسلم: أبغَضُ الحلال إلى اللهِ الطّلاق، وهذا ليس في كل الأحيان ففي بعض الصور لا يكونُ أبغضَ الحلال مثال ذلك طلقَ زوجته غَيرَةً على دينهِ وحفظًا لنفسه من الانجرار بالمحرامات ما لو استمر في عشرة إمرأة فاجرة عاصية تجرهُ للمهالك وتفتنه للوقوع في الموبقات فيكون طلقها لحاجة شرعيةٍ أو غير ذلك فمثل هذا لا يكون من أبغض الحلال عند الله، ثمّ هذا الطلاقُ لم يُجعل أمرُه لشهوةِ الرجل أو المرأة وعلى ما تهوى الأنفس مع الظلم من أحد الطرفين، بل جاءَ بنظامٍ دقيق مؤثّرٍ نافع فيه حلٌ للنزاع المستمر، فهو دواء، والدّواء إنمّا يُستعمَل بقدره عند الحاجة فقط، ألا تَرى الطبيبَ لو وصَف لك أنواعًا من العِلاج مأكولاً أو مشروبًا هل تتناولها جرعَةً واحدة وتقول يكفي..؟! لا ، لا بُدّ له من أوقاتٍ مناسبة وجرعات متعددة قبل الاستئصال للعلة والداء، إذاً فالطلاق كالدواء إنّما يُستعمَلُ في الحاجة إليه، ولذا ففي الشريعة الإسلامية يلزم وجوباً تعلمُ أحكام الطلاق وتفاصيله حتى لا يقع الرجل في الطلاق وهو لايدري فيعاشر المرأة بالحرام وهو لا يدري وينتج عن ذلك مفاسد كثيرة، فكم من النّاس يتلاعبونَ بألفاظ الطلاق جهلاً وظناً منهم أنه لا يقع وهو في حكم الشرع طلاقاً واقعاً.

لقد شدّدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الطلاق أشدَّ التشديد حتى جَعلهُ في المِزاح والهزء ولا مبالاة واقعٌ حكمه طلاقاً، فجعل الطلاقَ نافذًاً سواءٌ أكانَ الرجل هازلاً في كلامه، أو كان جادًّا في أدائه، يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ جِدّهُنَ جِدّ وهزْلُهنَّ جِدّ النِكَاحُ والطلاقُ والرَجّعَةُ، الهزل والجد واقع كما في لفظ الحديث... فلا يتلاعب الرجل بلفظ الطلاق من باب المِزاح واللّعب والهزل والتخويف والتهديد، فإنّ هذا حُكمٌ شرعيّ ليسَ فيه مِزاح، والطلاقُ يقعُ في حالِ الغضب ولو كان الغضب شدياً، وليس صحيحاً ما يروجه البعض أنّ الطلاق لا يقع في حالة الغضب، وإلا فمتى طلقَّ الرجلُ من غير غضب...؟!

فالطلاق يقع في الغَضب والرضى والمزاح والجِدِّ ولا يُعذرُ إلا في حال فقدانِ العقل فقداً تاماً كالمجنون الذي فقد عقله تماماً بحيث لا يدري ما حوله! والسكران الذي أخبره الناس بعد صحوه أنه تلفظ بالطلاق فهذا الذي قال بعض العلماء بعدم وقوع طلاقه أما الذي يدعي هو من نفسه أنه كان سكرانا فلا عبرة بكلامه لأنه تعدى بالسكر وهو يعرف بما تكلم، ولذا علم وأخبر بالطلاق !!، أما في غير حالة الغيبوبة لا عذرَ له إلا إن كانَ مُكرهاً مهددا، فطلاقُ المخاصم الغاضب يقع ولو حصلت الندامةُ بعده، إذ أنَّ الطلاق قرارٌ يُتخذ وليس لهوٌ ولعبٌ وثرثرةٌ يتشدقُ الرجل بها فيُرعبَ الزوجة ثم يقولُ أريد فتوى من المشايخ، ويقول مبرراً "الدينُ يُسرٌ" فيسرُ الدين ليس بتعدى الحدود، فليُعلم أنه لم يتق الله الرجل الذي لاكَ بلسانِه كلمة الطلاق مراتٍ ومراتٍ ثمَ يُريدُ حلاً من الشيوخ بعد النَّصِ الصريح الذي لا كلام بعدهُ وهو قولُ الله تعالى : ٱلطَّلَـٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَـٰنٍ، معناهُ الطلاقُ مرتين يستطيعُ أن يُرجِعُها بهما، والثالثة لا رجعَة لها إلا بعدَ أن تتزوج بغيره زِواجاً شرعياً ثابت ثم تطلق، فلها أن تعود للأول أو أن يموتَ عنها فتمضي عدة ثم تتزوج إن شائت، أما بغير ذلك فلا يملك الرجل إلا مرتين، أي التلفظ بالطلاق مرتين يستطيع فيها إرجاع الزوجة، وهذا معنى الآية الطلاق مرتان ولا يشترط أن يكونا منفصلين فلو حصل اللفظ في مجلس واحد مرتين فتلك طلقتين، قال الله تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، أي اذا أتمَّ بالثالثة فلا رجعة لها إليه إلا كما مرَ.

وليُعلم أنَّ الطلاق منه اللفظ الصريح ومنه الكناية، فالصريح ما كانَ صريحا بالطلاق كقول الرجل طلقتكِ، أو أنتِ طالق، أ وأنتِ مُسرحة، أو فارقتُكِ، أما الكِناية فهو لفظٌ يُرادُ به الطلاق وهو ليس لفظَ طلاق إنمّا نوىَ به الرجل الطلاقَ وهو كقول الرجل: لاأ ريدُكِ، أو تَرَكتُكِ، أو اذهبي إلى أهلكِ، أو نحوه، وشرطهُ أن ينويَ بهذا اللفظ الطلاق، أما إن كانَ مرادهُ الآنَ اذهبي لأهلكِ ثم نَرىَ ما نفعل، أو أتركك لفترة بعدها نصطلح ونتفاهم، فلا يكونُ طلاقاً، واللهُ أعلمُ بالنيات والقلوب وما في الصدور، وأما لفظُ الطلاق الصريح فهو يكونُ إما مَرَة بعد مرة ثلاثاً، أو يكون بلفظٍ واحدٍ كأن يقول الرجل للمرأةِ أنت طالق بالثلاث، فقد وقعت ثلاثاً ولو بمجلسٍ واحد ولفظٍ واحدٍ، وهذا ما أجمَعَ عليه علماءُ المسلمينَ منذ الصدر الأول وقد نقلَ الإجماعَ الإمامُ النووي في شرحِ صحيح مسلم، وكذا الإمام ابنُ المنذر في كتابه (ما أَجمَعوا عليه) وهو من الكتب التى يعتمد عليها في ذكر إجماع المسلمين على الفتاوى، فلا عبرة بمن خرَقَ إجماع علماء المسلمين الذين أجمعو على أنَّ الطلاق يقع باللفظ.

وهناك نوعٌ من الطلاق يُسمى الطلاقَ المُعلقَ وهو كقول الرجل لزوجته إنّ دخلتِ دارَ فلان فأنت طالق، فهذا مُعلقٌ بدخولها دارَ فلان فلمّا يحصل الأمر المعلق عليه يقع الطلاق، وقد يقعُ الطلاقَ أحياناً مع المعصية وهو المُسمى بالطلاقِ البدعيّ، وهو أنّ يطلق الرجل المرأة بعد الدخول فيها في حالة الحيض أو النفاس، أو في طُهرٍ جامَعَها فيه، وهو من معاصي اللسان لما فيه من اضرار بالمرأة بإطالة مدة العدة إذ أنّ بقية مدة الحيض لا يُحسب من العدة، وهذا الطلاق يقع مع المعصية، قال الله تعالى: يأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاء فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَـٰحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا، أي طلاقاً يستعقبُ العِدة ويدلُ على ذلك ما جاء في صحيح مسلم أنَّ عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلقَ زوجته وهي حائض فعلمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر: مُرْ عبدَ اللهِ أنّ يُراجِعَهَا حَتىَ تَطهُرْ، ثمَّ تَحِيضْ فَتَطْهرَ، ثمَّ إنّ بَدَا لهُ أنّ يُطلّقَها فليطلِّقها في طهرٍ لمْ يمَسّها.

فيا أيّها المتسرعون بألفاظ الطلاق أعلموا أنّ الزِواج عقد كسائر العقود لهُ ما يُفسدهُ ويقطَعهُ ويُبطلهُ ومن ذلك ألفاظ الردة والكفر والعياذ بالله تعالى، كقول الرجل أو المرأة لفظاً من ألفاظ الكفر كمسبةِ الدين، أو إنكار ما جاءَ في القرءان الكريم أو نحو ذلك، وكالاعتقاد الكفري مثل الشكِ أو العقد في القلب على إنكار وجود الله تعالى أو صفة من صفاته أو الشك في الجنة أو النار أو القيامة ونحوه، أو اعتقاد الشبيه في الله تعالى، أو نسبة المكان إلى الله تعالى، فكلُ هذا مفسدٌ لصحةِ عقد الزواج ما لم يَعُدْ من وقعَ فيه من كِلا الزوجين إلى الإسلام بالشهادتين قبل مرور العدة الشرعية، وكذا ينبغي عدمُ التسرع بالطلاق حتى لا تحصل الندامة كما يحصلُ من البعض يتسرعون في الطلاق ثم لمّا يعرفوا الحكم يقولون كيف نفارق بعضنا، وماذا يحصل للأولاد... وكثير ما يغضُ الطرف عن الحكم الشرعي ويختار العيش في ما حرمَ الله وبما يخالف الشرع الإسلامي، أو باللجوء إلى أشباه المفتين وأشباه الشيوخ الجهلاء اللهاثين خلف مرعاة الناس على حساب الدين الذين يخالفون الشرع بقولهم فتاوى شاذه لا أصل لها عند العلماء المعتبرين، كقولهم لا يقع الطلاق في الغضب، وقولهم على حسب نيتك...، ومرادهم جمع الشمل، وهل يكون جمعُ الشمل على ما حرم الله !؟

فكنّ أخي المسلم حريصًا على استمرارِ الحياة الزوجيّة على ما يرضى الله، فإياكَ إيّاك أن تعصِفَ بكَ الأهواء فتُطلّقَ على غضب لأمورٍ تافهة، وإيّاكَّ والضجر وقلةَ الصبر ونفادَ الحلم والتسرع في مثل هذا، تأمّل وتدبر في كلامِك قبل أن تقوله وتلفظه، وانظر في عواقبَ الأمور ونتائجها، وإذا غلَبَ الغضب عليك فاقعُد من قيام واضطجِع من قعودٍ، وتوضّأ، وتعوّذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم، وأكثر من الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم، ورَدِد قولَ لاحولَ ولا قوةَ إلا بالله ، لأنَّ معناها: لايصرف السوء إلا الله، ولا يأتي بالخير إلا الله تعالى، وأخرج من المنزل وفارق مجلسك، فعسى الغضب أن يزول وتنقشِع سحائبه وتهدء، واذكرِ الفضل الذي بينكَ وبين تلك المرأة، والودّ وما جرى بينكما من الإحسان والعشرة وكم كنت معها بحالة السعادة، وعُدَّ في نفسكَ محاسنِها فإن ذكرتَ منها ما يسوؤك فاذكر أنك رأيتَ منها يُعجِبُكَ وإلا لمّا أخترتها !! ولا تكن ظلوماً جَائراً تنسىَ ما عملتْ معكَ من إحسانٍ وما جرى بينكما من المحبة والإلفة والود ..!! وإن كانت هي لا تَعرف لكَ جميلا وتنكره، كُنْ أنتَ صاحب الفضل عليها وتجاوز عن جَهلها إن جهلت عليكَ، وغض الطرف لأجل دينك وراحتك، وكنْ كبيراً محسناً عفواً لتسعَ من ضاقَ فهمُه وقَصُرَ رأيهُ، تلكَ هي الرجولةُ والشهامةُ والكرم والقِوامة، ألا ترى كثيراً من الرجال يسامحونَ ويتعالونَ على من جهلَ عليهم من أصدقاءَ وأقاربَ لشهامةٍ ورجولةٍ وسعة فهم، فهلاَ كانَ هذا على من بينكَ وبينهَا ما ليس بينكَ وبينَ الناسِ، ليس لائقًا بكَ أن يكونَ الطلاقُ دائمًاً على لسانكَ ظناً منكَ أنّ الأمرَ هَينٌ، الأمرُ أشدُ من ما يُظن إنّها ثلاثةٌ إما العِشرة المُحرمَة أو الفِراق والندم والحسرة، فلا تجعل الطلاق حلاًّ لكل المشاكل والنزعات، فالمشاكل يمكِن حَلّهُا بكلّ طريق قبل طريق الفراق والطلاق، لا تجعَل خصومَتكَ مع الناس وغلطَك مع الآخرين أن تَصُبّ نار غضبك على إمرأتك تنفيساً لما تعاني من ضغوطات الحياة ومرها وقسوتها، فعندما تقصر المرأة في القيام بأمر في البيت، فما أمكن أن تتجاهله فتجاهل وغض الطرف، وما أمكن أن تتجاوَزه فتجاوزه وانساه، وما دامَ أمرُ الدّين سليمًا والعِرضُ والشّرفُ محافظًا عليه، فبقيّة الأمور يمكنُ الصبرُ عليها وتحمُلها، ويمكنُ تداركها وإصلاحها، أمّا العَجلةُ في أمرِ الطّلاق على أتفّهِ الأسباب فهذا غير لائقٍ بالرجل العاقل ذي العقل الرَزين والرأي السليم، لا بُدَ من صبر وتصبر وتحمل ولا بُدّ من كظمٍ للغيظ ومخالفة للنفس وهواها والشيطان ووسوسته، ولا بُدّ من تصوّرٍ للحال بعدَ الطلاق في عائلتك وحالك وحال من كانت معك في سرائك وضرائك وحلوتك ومُرتك، أمّا إذا كانَ الإنسان لا يُبالي لضعفٍ في نفسه وقلّة في صبره، فإنّه قد يهدِم بيته في لحظةٍ من اللحظات، إياكّ أن يصورُ لك أنّك إن مكنَكَ لسانك وحالك أن تظلِمَ، أذكُر أنَّ القيامة يومٌ يُحاسَبُ المَرءُ فيه على ما فعل من الشر والظلمُ ظلامات...، وإيّاكِ أيتها المسلمة أن تُكرهي زوجَك على الطلاق لأسبابٍ واهية فتكوني هدمتي بيتكَ بيدك.

ولتعلمي أنَّ الشَرع حَرَمَ على المرأة أن تطلب الطلاق من غير سبب شرعي قال نبينا صلى الله عليه وسلم: أيمّا امرأةٍ سألت زوجَها الطلاقَ في غير ما بأسٍ فحَرامٌ عليها رائحةُ الجنّة، إنّ الطلاقَ شُرِع لتخليصِ الرّجل من إمرأة لا تناسبه، أو تخليصِ المرأة من رجل لا يُلائِمُـها، لكن ما أمكن تداركُه والصبر عليه فالمطلوبُ من الزوجين السّعيُ في لمّ الشَملِ وتدارك الأخطاء والحفاظ على العهد الذي بينهم، وأهلُ الرجل وأهل المرأة عليهم أيضًا أن يبذلا جُهداً واسعاً حتى لا تقَع المشاكل فينصح أهلُ المرأةِ المرأة ويوصوها بالصبر وعدم الضجر والتحمل لوجه الله تعالى، وينصح أهلُ الرّجل الرجلَ فيوصونه بالصبر والثبات وعدم تضييع العائلة لأتفه الأسباب.

فإذا تعاونَ الجميع على الخير لعل الأمور تكون على أطيب، ولا ينبغي ما يفعله بعضُ الرجال أن يُمارس ضغوطًا على المرأة حتى بعد الطلاق لينتقِم منها، فيتّخذ من الضغوط الأولادَ أوّلاً، وربما لا يمكِّنهم من رؤية أمّهم وربمّا يتركُهم فلا يرعاهم ولا ينفِق عليهم فيضيعون، وإمّا أن يأخذَهم عنده فيعامَلون غيرَ معاملة الرّفق واللين، وإمّا أن يتركَهم عند أمّهم فلا يرعاهم ولا ينفِق عليهم، وقد تتعصّب المرأة أيضاً على من طلقها فتنتقم منه فتمنَع أولادَه من الذّهاب إلى أبيهم أو تذكره بظلم وافتراء لتوقع في نفوسهم كراهية أبيهم!، وكلّ هذه الأغلاط والأخطاء ينبغي تلافيها وتداركُها وتركها فهي ليست من عادات المسلمين الطيبين الذين يتلون كتاب الله فيقرأون فيه قول الله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، وأن لا نتّخذ من الطلاق وسيلةَ انتقام وبطشٍ بالآخرين وإلحاق الضّرَر بالآخرين، ولا يجوز أن يكون الطلاق حافزاً لأحد الطرفين أو أهاليهم للكلام بالغيبة والكذب والافتراء وفضحِ الأسرار وهتكِ الأعراض ونشر العيوب وكشف المستور، وليكنّ الواحد على ذكر من قول الله تعالى: أو تَسريحٌ بإحسانٍ، فهل من الإحسان ما نشاهدهُ اليوم من ظلم من الطرفين أحياناً ومن الكلام المؤذي الذي يصل في بعض المتهورين لرمي أحدهما الآخر بعرضه وشرفه وطهارته وعفته لمجرد تبرير سبب الطلاق..!!،

فليتق الله تعالى الزوج إذا طلّق وليتركَ المرأة في المنزل مدّةَ العدّة لعل الله يغير الحال أو لعله أن يندمَ ولعلّها أن تندم، فقد جعلَ الطّلاق مراحل، أولى ثم ثانية ثم ثالثة، أولى فإن يكُن من المرأة الخطأ ندِمت أو مِن الرجل، ثم الثانية، فإذا طلّقها الثالثة عُلِم أنّ هذا الزواج لا يمكنُ إستمراره واستقرارُه، فما أجهَلَ وأبشع الرجل عندما يظلم الزوجة وينكر حقها وينسى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: خيرُكم خَيرُكم لأهلهِ، وأنّا خَيرُكُم لأهلي، وما أجهلَ المرأة عندما تلعبُ بها الأفكار الشاذة، وتصغي لوساوس وأفكار وأوهام فتنكرُ عِشرَة الزوج وتظلمه ناسية قولَ النبيّ صلى الله عليه وسلم:لو كُنتُ آمراً أحداً أن يَسجُدَ لأحدٍ لأمرتُ الزوجةَ أن تَسجُدَ لزوجه

وفي هذا بيان أنَّ السجود للزوج حرام في شرعنا ولو كانَ للتحية والاحترام، ولو كانَ جائزا لكان أولى الناس به المرأة لزوجها لما للزوج عليها من فضل، تلك هي المرأة الصالحة التى تريدُ ثوابَ الله تعالى في الآخرة، والتى ينبغي من أول الطريق أن يُبحث عنها وهي المعنية بقوله عليه السلام: فاظفَر بذاتِ الدين تَرِبَتْ يَدَاك، فذاتُ الدين الطائعة لربها، الحَسنة العشرة والخلق وهي من خير متاع الدنيا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَيرُ مَتاعِ الدنيا المرأةُ الصالحة، اللهمَّ علمّنا ما ينفعُنا وانفعنا بما علمتنا إنكَّ أنتَ السميعُ العليم.