تشبه الرجال بالنساء والعكس

من معاصي البدن الكبائر تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال، و تشبه لغة: من المشابهةِ، وهي المماثلة والمحاكاةُ والتقليد. والتشبه هو فيما هو خاص بأحد الجنسين أَمْرٌ محرم في شرع الله. الرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:( لعن الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَلعن الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)، وقيل لعائشة رضِى الله عنها إنَّ امرأة تلبس النعل فقالت لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَة من النساء اهـ رواه أبو داود. وعند الطبراني أنَّ امرأة مرّت على رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلّدة قوسًا فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعن الله المتشبّهات من النساء بالرجال والمتشبّهين من الرجال بالنساء اهـ واللعن الإبعاد من الخير قال النووي في روضة الطالبين ما نصه يحرم على الرجال لبس ما تلبس المرأة والعكس اهـ فيُعلم مما تقدّم أنه لا يجوز للمرأة أن تتشبّه بالرجال ولو في لبس أحذيتهم أي الخاصة بهم، وأنه لا يشترط لكون ذلك حرامًا أن تقصد المرأة التشبّه بالرجال أو أن يقصد الرجل التشبّه بالنساء، فليس المراد بحديث ابن عباس ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبّهين من الرجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال) وما أشبهه من الأحاديث التي فيها لفظ التشبّه أن يقصد الرجل والمرأة التشبّه بدليل الحديث السابق ذكره والذِى أخرجه أبو داود وغيره وهو" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل اهـ ولم يقل الفقهاء إنه يحرم على المرأة أن تلبس لبسة الرجل إن قصدت التشبّه وإلا فلا يحرم كما يتبين لك مما سبق ذكره، وأمّا ما كان مشتركًا بين الرجال والنساء فيجوز للرجل والمرأة لُبسُهُ كبعض أنواع الأحذية والألبسة. وفي أيامنا عمت البلوى بهذا الذنب الكبير تشبه الرجال بالنساء والعكس، فأنك ترى بعض أولاد المسلمين يحاكون النساء في الزي والكلام بل بوضع المساحيق على الوجوه كالنساء حَتَّى لَمْ يَعُدْ المرء يفصل من الوهلة الأولى هل هذا الذي أمامه ذكرٌ أم انثى...!!، وكذا تشبه النساء بالرجال فيما هو خاص بهم من لباس ونحوه. ومن صور التشبه أن يلبس الرجل لباساً خاصاً بالنساء كالفساتين والعكس أو أن يقلد النساء في مشيهنَّ من الغنج والحركات أو أن يلبس القلادة في العنق ولو لم تكن ذهباً أو بتصفيف شعر الرأس من الرجل وربطه على هيئة خاصة بالنساءواحيانا يكون التشبه بالكلام  كأن يتعمد الغنج والرقة في الكلام محكاة للنساء ، ومثل ان تلبس المرأة العمامة أو الطربوش أو السراويل التي لها فتحه من قدام ونحو ذلك، وكذا يحرم على النساء أن يلبسنَّ لبسة الرجال الخاصة أو يتشبهن بالرجال بالحركات والأصوات، ومن التشبه المحرم الذي يفعله البعض للتمثيل أو للفكاهة من لبس ثياب النساء والعمل انه امرأة أو العكس مازحاً ليضحك الناس، فإن هذا من كبائر الذنوب. روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما:( أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ المخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ)، المخنث إما أن يكون خلقة  وهو المعروف بالخنثى على تفصيل في الفقه في أحكامه فهذا ليس المراد وإما أن يتصنع ويتشبه بالنساء وبالعكس أو يتحول كما في يسمونه متحولاً جنسياً  بأجراء العمليات الجراحية لتغير اعضاء في البدن وصرف الأموال عليها لتغير الخلقة عياذاً بالله تعالى فلا شك أنَّ هذا من فواحش الذنوب. قال رسول الله عليه وسلم:( أَنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمَرْأَةَ تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ، وَالرَّجُلَ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ)، ومعصية التشبه الَّتِي نَرَى من أضرارها ما نتج اليوم من ظهور المخنثين المتحولين جهاراً وما يسمى بزواج الْمِثْلَيْنِ الرجل مع الرجل والمرأة مع المراة، وَتَحول الرِّجَالِ الى شكل النساء والعكس، مما فيه تغير الخلقة ومخالفة الشرع والعقل والتقليد الأعمى لأهل الفسق والمجون والزناة...! روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه:( أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرجل)،كذلك من الكبائر التشبه بغير المسلمين بما هو خاص من عاداتهم وأما التشبه بطقوسهم الكفرية وشعاراتهم فهو كفر والعياذ بالله من ذلك. فالتشبُّهُ بالكفار بشتى أصنافهِم هو مماثلتهم في عقائدِهم أو عباداتهم أو عاداتهم أو سلوكهم وأخلاقهمِ التي هي من خصائصهم، وأمَّا ما كان من غير خصائصهم كالصناعات والحرف والعلوم الكونية التي تعودُ بالخير على المسلمين فليس تشبها محرماً وليعلم أن مسألة التشبّهِ بالكفار من أهمِّ المواضيع التي ينبغي أن يفقهَها كثير من المسلمين في هذا الزمن، لكثرة المخالطة وضعف الفهم في الدين وكثرة التأثر بغير المسلمين، وقد كان صلى الله عليه وسلم يبالغ في مخالفة غير المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ؟)، يريد صلى الله عليه وسلم استفهام الإنكار، بمعنى فمن هم غير أولئك. وقد روى أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:(من تشبّه بقوم فهو منهم)، وهذا تحذير شديد، فمن وافقهم فيما هو كفرٌ من أفعال وأقوال فهو كافر مثلهم، وفيما هو خاص بهم من عاداتهم وتقاليدهم التي لا يفعلها إلا الكفار، خاصة بهم، فهو عاص من الكبائر وإن لم يكن في ذلك كفر. ومع ذلك فإنه مما يؤسف له جداً أن نرى بعض المسلمين يتبادلون التهاني بمناسبة ذكرى مولد أحدهم ويهدون الهدايا والكلمات التي من عادة غير المسلمين ويستعملونها في مثل تلك المناسبات، ومنهم من يكتبها علانية في الآت التواصل الاجتماعي كما تسمى اليوم، وكأنهم لم يسمعوا بالحديثين السابقين، ومن التشبه أيضا إعداد الحلوى على الهيئة التي عملها الكفار من إشعال الشموع ونحوه وكذا من التشبه بغير المسلمين عادة تربية الكلاب في البيوت واصطحابها معهم في السيارات والأسفار لغير حراسة ولا زرع ولا صيد، فالذين يربون الكلب الصغير الذي لا يطردُ لصاً ولا يخيفُ معتدٍ إنما يصحبونه تشبهاً بغير المسلمين فيجعلون الكلاب في بيوتهم وينفقون عليهم الأموال وهذه غفلة شديدة سقط فيها الكثيرون،نعم يجوز اقتناء كلب للحراسة أو الصيد أو مع الغنم ونحوه،  وكذا يحرم التشبه بالفسقة الفجار كأن يشرب الشاي أو البن على هيئة شربة الخمور من طرق الكؤوس ببعضها فهو حرام للتشبه بأهل الفسق، وكذلك من التشبه المحرم لبس الثياب التي هي خاصة بأهل الفسق أو وضع الحديد من حلق وكرة ومسمار ونحوه في الفم أو في السرة أو على الحاجب أو اللسان أو على الفرج وكل هذا من عادات أهل الفجور وليس من عادات المسلمين، ومثله في الحرمة خرق أذن المرأة بأكثر من ثقب كما يرى اليوم، أما الثقب الواحد لأجل الحلق فليس حراماً، وكذلك يحرم ما يتزين فيه بعض النساء في زماننا مما لم يعهد عند المسلمين مثل وضع الطلاء على الظفر ومثل زيادة الأظفار والرموش بوصلات ونحو ذلك مما يطول تعداده وذكره، وفيه تشبه بالزانيات و الفاجرات وهذا من البشاعات التي ابتلي بها المسلمون في هذا الزمن من تتبع ما يفعله الكفار من المعاصي والمحرمات. ويحرم على المرأة أيضا النمص وهو الأخذ من شعر الحاجبين لأجل الحسن وأجازه بعض العلماء لذات الزوج بإذن زوجها أما الخلية غير ذات الزوج فهو من الكبائر وكذلك يحرم الاحتفال بما يسمى بعيد الحب أو إهداء الورود الحمراء والدِبَبَة الحمراء في يوم مرسوم باسم يوم الحب أو نحوه،  والعجب أنك ترى وتسمع بعض بنات واولاد المسلمين يفعلون أمثال هذا التقليد في أعياد غير المسلمين، بما لا يخفى أنه تشبه بغير المسلمين، وكأن الحياء ذهب. وما أحسن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ )، وهذا الحديث على معنى التهديد والوعيد، وليس على معنى الرخصة والإذن ليفعل الإنسان ما يحلو له وتشتهيه نفسه وإن كان مخالفاً للشريعة. لا، ليس الأمر كذلك. إنما على التهديد أي إذا فقد الحياء فقد يفعل الإنسان ما يشاء ولا يستحي من الله ولا من الخلق.