عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين.

إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نعمة أنعم الله به علينا فإنه حَريٌ بنا حينما نتذكر النعمة نتذكر المنِعمَ بها ونشكره عليها. وهذا الشكر يستوجب منا أن نتمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم مصدقاً لقوله تعالى:(لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، فما أعظم هذه النعمة وما أعظمك يا رسول الله وقد منحك الله سبحانه من كمالات الدنيا والآخرة ما لم يمنحه غيرك من قبلك أو بعدك، وقد أعطاك الله في الدنيا شرفَ النسب وكمال الخِلقة، وجمال الصورة وقوة العقل، وصحة الفهم وفصاحة اللسان وقوة الحواس والأعضاء، والأخلاق العلية والآداب الشرعية من الدين، والعلم، والحلم والصبر والزهد والشكر والعدل والتواضع والعفو والعفة والجود والشجاعة والحياء والمروءة والصمت والتؤدة والوقار والهيبة والرحمة وحسن المعاشرة ما لا يُستطاع وصفه وحصرهُ. فما أعظمكَ يا رسول الله ولقد صدق ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول في شأنك ووصفك: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وها نحن نأتي إلى نبذة يسيرة من محاسن صفاته ومحاسن ءادابه لتكون لنا نموذجاً نسير عليه حتى نكون على قَدَمِ نبينا صلى الله عليه وسلم.

نسبهُ الشريف صلى الله عليه وسلم

أما شرف نسبه وكرم بلده ومنشئة فإنّ نسبه صلى الله عليه وسلم ينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام نَسبٌ شريف وءاباء طاهرون وأمهات طاهرات؛ فهو من صميم قريش التي لها القدم الأولى في الشرف وعلو المكانة بين العرب، ولاتجدُ في سلسلة ءابائه إلا كراماً ليس فيهم مُسترَذل بل كلهم سادة قادة كرام، وكذلك أمهاتُ ءابائه من أرفع قبائل العرب وأعفها وأعرقها وكل إجتماع بين ءابائه وأمهاته كان شرعياً بحسب الأصول العربية ولم ينل نسبهُ الشريف شئ من سفاح الجاهلية بل طهرَهُ اللهُ من ذلك، روى مسلم عن واثلةً بن الأسقع قال: سمعت رسول الله عليه و سلم يقول:{ إنَّ اللَّهَ اصطفى مِن ولدِ إبراهيمَ ، إسماعيلَ ، واصطَفى من ولدِ إسماعيلَ بَني كنانةَ، واصطَفى من بَني كنانةَ قُرَيْشًا، واصطفى من قُرَيْشٍ بَني هاشمٍ، واصطَفاني من بَني هاشم}

كمال خِلقتهِ صلى الله عليه وسلم

أما صورته البهية وجماله الوضاء وتناسب أعضائه وحسنه فقد جاءت الآثار الصحيحة المشهورة بذلك وكثر الواصفون لحسن جماله صلى الله عليه وسلم ومنها أنه كان أبيضاً مشرباً بالحمرة، أزهر اللون، ظاهر الوضاءة، واسع الجبين، كثّ اللحية أسيل الخدين، أبيض الأسنان إذا تكلم كأنَّ النور يَنهمِرُ من فَمهِ ويكفي في وصفهِ قول أبو هريرة رضي الله عنه: "ما رأيتُ شيئاً أحسنَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه"، ووصفه بعض أصحابه فقال: كانَ رسول الله فخماً مفخماً يتلألأ ووجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، وأخرج البزار بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت تمثلتُ في أبي:

وأبيضُ يُستسقي الغَمامُ بوجِههِ   ربيعُ اليتامى عِصمةُ للأرامِلِ

فقال أبي ( تعني أبا بكر) ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا البيت هو نعتُ عمه أبي طالب في لون وجهه عليه الصلاة والسلام.

عظمة خُلقه وحلمهِ وعفوه.

وأما الأخلاق الحميدة والآداب الشريفة فجميعها كانت خُلقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإنتهاء في كمالها، وفي ذلك قول عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها حين سُئلت: كيف كان خلق رسول الله؟ فقالت: كان خُلقهُ القرءان، أي كلُ خصلة خير في القرءان هي في رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت عائشة رضي الله عنها في وصف خُلقه أيضاً:"لم يكن رسول الله فاحشاً ولا مُتفحشاً ولا يجزي السيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، وقالت: ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهكَ حُرمة الله تعالى، وفي حيائه يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:{كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا ، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ}، رواه البخاري. وكان الحلم والعفو مع المقدرة من أوصافه صلى الله عليه وسلم فقد أمره ربه تعالى أن يأخذ العفو من أخلاق الناس فقال تعالى:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، فما من حليم إلا عرفت له زلة أما نبينا عليه الصلاة والسلام فكان لايزيد مع كثرة الإيذاء إلا صبراً، ومع إسراف الجاهل إلا حلماً. ومما يدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:(اللهمَّ إهدِ قومي فإنهم لا يعلمون)، بعدما فعلوا به وبأصحابه مافعلوا، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الذين أخرجوه من دياره ونكلوا بهم وقاتلوه وحرضوا عليه قبائل العرب وغيرهم قال:(إذهبوا فأنتم الطلقاء)، وذلك يوم الفتح، وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم وعليه بُردٌ غليظ الحاشية فجذَبَهُ إعرابي بردائه جذبَةً شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عنقهِ ثم قال: يا محمد إحمل لي على بعيري َ هذين من مال الله الذي عندك فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مالُ أبيك!!! فسكتَ عليه الصلاة والسلام، ثم قال:(المالُ مالُ الله وأنا عبدُه)،وأعطاه ما طلب، فهل هناك في الحلم والعفو في مثله صلى الله عليه وسلم.

جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم

أما الجود والكرم والسخاء والسماحة فقد كانت معه منذ أن نشأ عليه الصلاة والسلام، فلقد فاقَ كلَ كرماء العرب والعجم ووصفه بذلك كل من عرفه، قال جابر رضي الله عنه: (ما سُئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئٍ فقال: لا)، وقال إبن عباس رضي الله عنهكان عليه الصلاة والسلام أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في رمضان. وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال:"ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً قط إلا أعطاه، فأتاه رجل فسأله، فأمر له بغنم بين جبلين، فأتى قومه فقال: أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة".

شجاعتهُ صلى الله عليه وسلم

أما من أخبار شجاعته صلى الله عليه وسلم فقد حضر عليه الصلاة والسلام المواقف الصعبة وفرَّ الشُجعان والأبطال عنه غير مرةٍ وهو ثابت لايبرح ومقبلٌ لا يُدبر ولا يَتزحزح و قال فيه بعض الصحابة إنَّا كنَّا إذا أشتد البأسُ واحمرتِ الحدق إتقينا برسول الله صلى عليه وسلم فما يكون أحدٌ أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأساً. وقال ابن عمر: ما رأيت أشجعَ ولا أبحر ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

زهدهُ وتواضعهُ عليه الصلاة والسلام

وما جاء في زهده عليه الصلاة والسلام وتواضعه واختياره الدار الآخرة فكثير منها ما رواه البيهقي والترمذي وابن ماجه عن عبد الله أنه قال" إضطجع النبي صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر الحصير بجلده، فجعلت أمسحه وأقول: بأبي أنت وأمي يارسول الله ألا أذنتنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه تنام عليه فقال عليه الصلاة والسلام:(مالي وللدنيا، وماأنا والدنيا، إنمَّا أنا والدنيا كراكبٍ إستظل تحتَ شجرةٍ ثم راح وتركها). ومما يشهد على زهده عليه الصلاة والسلام أنه كان يمر الشهر والشهران ولا يوقد في بيت رسول الله نار فقالوا ماكان طعامكم ؟ قالوا الأسودان التمر والماء. وأكبر شاهد على تقللهِ من الدنيا وإعراضِه ِعن زهرتها أنه توفيَّ عليه الصلاة والسلام ودرعُهُ مرهونَةٌ عندَ يهودي ولم يترك قصراً ولا متاعًا كثيراً بل كان بيتهُ متواضعاً ومتاعُهُ في غاية التواضع وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بتركِ التنعم كما في الحديث الذي قال أوصى به صاحبه معاذ بن جبل قائلاً: (وإياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين.)

خوفهُ عليه الصلاة والسلام وطاعتهُ لربه تعالى

أما شدة خوفه عليه الصلاة والسلام من الله شدة طاعته وعبادته فعلى قدر علمه بربه ولذلك تمدح ومدح نفسه بقوله:" أنا أعلمكم بالله وأشدكم لله خشية" معناه أنا أكثركم علمًا بصفات الله تعالى ومعرفة بأمور التوحيد والتنزيه والخشية لله تبارك وتعالى، وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً:( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، إني أرى مالا ترون وأسمع مالا تسمعون أطَّت السموات وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد).ومعنى أَطَتّ صدر منها صوت من الحمل الذي عليها وفي هذا الحديث دليل على أنَّ السماء مسكن للملائكة الكرام وليست مكاناً لله تعالى كما يظن المشبهة تعالى الله عن ذلك. وروى المغيرة بن شعبة قال قام رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى تورمت قدماه فقيل يارسول الله أليس قد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك ما تأخر؟ قال:( أفلا أكون عبداً شكوراً.)

طيبُ رائحته صلى الله عليه وسلم

وأما طيب ريحه فقد كان صلى الله عليه وسلم طيباً مطيباً من غير طيب وكانت رائحته الطيبة تفوح وتغلب على أنواع العطور والطيب، روى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال:{مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ، وَلَا مِسْكًا، وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا، وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} وعن جابر بن سُمرة أنه عليه الصلاة والسلام مسح خده قال: فوجدت ليده برداً وريحاً كأنما أخرجها من جؤنَة عطار(أي كيس العطر). وكان عليه الصلاة والسلام سواءٌ مسَ يدهُ أو لم يمسها يصافح المصافح فيضل يومهُ يجدُ ريحها وكان صلى الله عليه وسلم يضع يده على رأس الصبي فيعرفُ من بين الصبيان بريحها، وروى البخاري لم يكنّ النبي صلى الله عليه وسلم يمرُ في طريق فيتبعه أحدٌ إلا عرفَ أنه سلكهُ من طيبه صلى الله عليه وسلم.

بركاتهُ عليه الصلاة والسلام

أما بركاتهُ صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة في حياته وبعد موته مستمرة إلى ماشاء الله لا تعد ولا تحصى، منها ما رواه جابر أنه عليه الصلاة والسلام أطعمَ يومَ الخندق ألف رجل من صاع شعير وعِناق( وهي الأنثى من أولاد المعز التي لم يتم لها سنة) وقال جابر: أقسم بالله لأكلوا حتى تركوهُ وانحرفوا وإنَّ بُرمتنا لتغط كما هيَ وأن عجينَنا لينجز...، وكان عليه الصلاة والسلام قد تَفَل من فمه الشريف على العجين والبُرمة،(والبُرمَةُ هي قدر من حجارة وتغط أي لها صوتٌ من شدة غليانها)، فانظر كيف جعل الله البركة فأكل هذا العدد من الرجال بصاعٍ شعير وقليل من اللحم. ومن بركاته أنَّ سعيد بنَ النُعمان أصيبت عينهُ فوقعت على وجنَتهِ فردها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فكانت أحسنَ عينيهِ، وروى أنَّ بعضَ الصحابةِ إبيضتْ عيناهُ فكانَ لايُبصرُ بهما شيئاً فنفثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيهِ فأبصرَ وصارَ يُدخل الخيط في الإبرة وهو إبنُ ثمانين، وروى أنّ قِدراً إنكفأت على ذارع محمدِ بن حاطب وهو طفلٌ فمسحَ عليها ودعا له فبرأ لحينهِ ولقد بلغ الأمر أنَّ من بركاتهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ العمى زالَ وذهب بدعوته وبركاته، روى النسائي والطبراني عن عثمان بن حنيف أنَّ أعمى قال: يا رسول الله أدعُ الله أن يكشفَ لي عن بصري، فعلمه عليه الصلاة والسلام أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يقول:( اللهمّ إني أسألكَ وأتوجه إليكَ بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد أني أتوجهُ بكَ إلى ربي) قال راوي الحديث: والله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى عاد الرجل وقد أبصر وقد عمل الصحابة بهذا الدعاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحقق مطلوبهم وحلت لهم بركاته عليه الصلاة والسلام.

حُسنُ عشرتِهِ صلى الله عليه وسلم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس عشرة وأوسع الناس صدراً وأصدقهم لهجة وقد وصفهُ بعض أصحابه قائلا: كان دائم البِشر سهلَ الخلق لينَ الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب قال الله تعالى:( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)، وكان يجيب من دعاه، ويقبل الهدية، قال أنس رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي "أفٍ" قط وما قال لشئ صنعته لم صنعته ولا لشئ تركته لم تركته. وقال جرير بن عبدالله رضي الله عنه "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم قط منذ أسلمت ولا رأني إلا تبسم". وكان صلى الله عليه وسلم يُمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجالسهم في حجره، ويجيب دعوة الحُرِوالعبد والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر ويبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصاحفة، وكان أكثر الناس تبسماً وأطيبهم نفساً ما لم ينزل عليه قرءان أو يعظ أو يخطب، وقال عبدالله بن الحارث: ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ خَدَمُ الْمَدِينَةِ بِآنِيَتِهِمْ فِيهَا الْمَاءُ ، فَمَا يُؤْتَى بِإِنَاءٍ إِلَّا غَمَسَ يَدَهُ فِيهَا ، فَرُبَّمَا جَاءُوهُ فِي الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ ، فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيهَا " فصلى الله عليه وسلم ما ألطفه وانظرصبره على برودة الماء ليبرّك لهم ماءهم...

وكل هذا غيض كم فيض من الشمائل مما لا يُستطاع حصره. وحسبك في ذلك حسن عشرتهِ لأهل بيته وأزواجه اللواتي ما شكت الواحدة منهنَّ بل كنَّ يروينَ عنه فضائل الأخلاق ومحاسن العشرة وكثرةَ الرحمةِ والشفقةِ وقد وصفهِ الله تبارك وتعالى بذلك بقوله:( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)، هذا وزد على ذلك معجزاته وأسراره وما خصه الله به من بين الأنبياء وتفضيله على جميع الرسل مع المكانة العالية له يوم القيامة فهو صلى الله عليه وسلم صاحب الشفاعة العظمى في ذلك اليوم العظيم، وهو صلى الله عليه وسلم سيدُ ولد ءادم كلهم كما روى الترمذى أنه صلى الله عليه وسلم قال:{ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ، وَلَا فَخْرَ}، وهو عليه الصلاة والسلام أول داخلٍ إلى الجنة، وهو صلى الله عليه وسلم صاحب المقام المحمود والدرجة الرفيعة والوسلية والفضيلة يوم القيامة، وأمته خير الأمم وأكثر الأمم أتقياء وفقهاء وعلماء وشهداء. والصلاة والسلام عليه أمر يُحبه الله وشرعه الله في القرءان بقوله:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، فهو وسيلتنا إلى الله وهو شفيع المذنبين بإذن الله وهو صلى الله عليه وسلم النور والبركة والرحمة المهداة وهو البركة العظمى حياً وميتاً، فقبره محجة أهل الحاجات وموضع البركات هناك عند قبره يسأل السائلون ربهم بجاهه فيعطون بإذن الله كرما لحبيب الله، وهناك تُذرف دموعهم شوقاً واشتياقاً لنبيهم عليه الصلاة والسلام.

عطرِّ اللهمَّ قَبرهُ الكريم ****** بِعرفٍ شَذيٍ من صلاةٍ وتَسليم

وصلى الله على سيدنا محمد النبيّ الأميّ العالي القَدرِ العظيمِ الجاهِ وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.