النهب

من معاصي اليدين الكبائر النَّهبُ [1]وهو أخذُ المالِ جِهارًا أي في العلنِ وليسَ خفيةً، والغصبُ وهو الاستيلاءُ على حقّ الغيرِ ظلمًا اعتمادًا على القوةِ والغلبة جِهارًا وهما منَ الكبائرِ لقوله عليه الصلاة والسلام:( مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ منْ سَبْعِ أَرَضِينَ )،" متفقٌ عليه. أي أن الأرضَ تُخسَفُ بهِ يوم القيامةِ فتكون تلك البقعةُ في عنقهِ كالطوقِ. معناه يُعلَّقُ في عنقهِ قدرَ ذلك الشبرِ إلى سبع أرضين مجازاةً له بمثل معصيتهِ فضيحةً لهُ يوم القيامةِ، فالحديثُ يُفسَّرُ على ظاهرهِ، يومَ القيامةِ تظهرُ أمورٌ غريبةٌ هذا من جملتها، يُجعلُ له في عنقهِ قدرَ شبرٍ من الأرضِ كالطوقِ أي تُطَوَّلُ عنقهُ فيعلقُ به ذلك الشبر متصلاً إلى سبع أرضينَ، أي بطولِ سبع أرضين لكن لا يبقى هذا بل يبقى وقتًا يسيرًا، الله يُظهرهُ بهذا المظهرِ ثم يعودُ إلى ما كان عليه. ثم إن كانَ مسلمًا لا بدّ أن يدخلَ الجنة بعد ذلك. وفي عظيم خطر النهب قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ أبْصَارَهُمْ فِيها حِينَ يَنْتَهِبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ.) النهبة بِفَتْح النُّون وَهُوَ وبضم النُّون المَال المنهوب.

وقَوْله:( ذَات شرف) أَي: مَكَان عالٍ يَعْنِي: لَا يَأْخُذ الرجل مَال النَّاس قهرا أَو ظلما مُكَابَرَة وعلو أَو عيَانًا وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ فيتضرعون وَلَا يقدرُونَ على دَفعه وقوله( حين ينتهبها وهو مؤمن) إذ هو ظلم عظيم لا يليق بحال المؤمن ولا يكون كامل الايمان بفعله هذا وليس المراد نفي الايمان عنه بالكلية.


 


[1] أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا بِلاَ عِوَضٍ، وَيُطْلَقُ النَّهْبُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَنْهُوبِ أَيْ الـمَأْخوذُ قَهْرًا وغَلَبَةً، وَأَصْلُ النَّهْبِ: تَوَزُّعِ شَيْءٍ فِي غَيْرِ تَسَاوٍ، وَمِنْ مَعَانِي النَّهْبِ أَيْضًا: السَّلْبُ والإِغَارَةُ والاسْتِيلاَءُ. قاله في فتح الباري