السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام

السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام

 واجبٌ على كل مسلم أن يؤمنَ ويجلَّ ويوقر النبيّ الكريم السيد المُبَجّل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، المذكور في القرأن الكريم في كثير من السور، وفي السنة النبوية المشرفة، وإنّ من أصول الإيمان في ديننا الإسلامي أنّ نؤمنَ بالرُسل جمعياً عليهم صلواتُ الله وسلامه عليهم أجمعين، قال الله تعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، هذا مُلزَمٌ به كُل مسلم حيثُ يعتقد لجميع الأنبياء الإحترام والتقدير والمَحبة، فهم جميعاً جاؤوا برسالة واحدة من عند الله الواحد الأحد أن نعبده وحده لا شريك له. فالأنبياء كلهم إخوة في الدعوة إلى الله يشتركون في العقيدة الصحيحة في الله تعالى وعلى هذا أرسلهم الله للناس، ويعتقد المسلمونَ أنَّ عيسى عليه الصلاة والسلام من أولي العَزم من الرُسْل تصديقاً لقول الله تبارك وتعالى شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ. أمّا أمُه السيدة الجليلة الطاهرة الصديقة العابدة القدوة فهي أفضل نساء البشر على الإطلاق "مريم بنت عمران" البَتول الصوّامة القوامة عنوان الطهارة والعفة وكنزُ العطاء والمَحبة عليها من الله الرضوان، فلها من الحُبِ والإحترام في العقيدة الإسلامية الكثير والكثير، سورةٌ كاملةٌ في القرآن الكريم تُسَمىَ باسمها "سورة مريم" وهي من طوال السور في المصحف، يذكر الله تعالى فيها عِفّتها وطهارتها ونزهاتها ما فيه الحِكَمُ والفوائد والأحكام وأكثر من (80) آية من سور القرآن  العظيم تبين الحقيقة حولها وعن عفتها وطهارتها وشرفها وعبادتها لربها الله الواحد الأحد وعن إبنها وقضية حملهابه و تفصيل ولادتها الرسولَ الكريم عيسى عليه الصلاة والسلام.

فمريم الصديقة اصطفاها الله وطهرها وفضلها ورفع شأنها قال تعالى: وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وهي مريمُ الصديقة في أقوالها وأفعالها وسيرتها قال الله تعالى مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ وثبتَ في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرُ نِسَائها مريمُ بنت عمران رواه البخاري ومسلم، وهذا لفضلهما وشرفها، فمريمُ حملت بنبيّ مبارك مُبَجّل وربَتّهُ في كنفِها ورعايتها وصدقتهُ واتبعَتهُ وآمنت به أنه عبد الله وسروله، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُ مولودٍ من بني آدمَ يَمَسهُ الشيطان بإصبعيه إلا مريمَ بنتُ عِمرانَ وابنها عيسى عليهما السلام رواه البخاري وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: إقرؤوا إنّ شئتم قوله تعالى فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

ويعتقدُ المسلمون أنَّ ولادة النبيّ السيد المَسيح عليه السلام كانت آيةً من آيات الله الدالة على عظيم قدرة الله تعالى، حيثُ ولدَ عيسى من أمٍّ بدون أبٍ، والله على كل شىء قدير يخلق ما يشاء كيف يشاء، فلله القدرة َالتّامة على إيجاد كل شىء يجوز في العقل وجوده ، فلو شاءَ الله أن يوجدَ المسيح عيسى من غير أبٍ ولا أمٍ لكانَ بقدرة الله تعالى، هذا إعتقاد المسلمين بالله تبارك وتعالى القادر المقتدر الخالق العظيم ، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكلمتهُ ألقاها إلى مريم أي بِشارتهُ، الملائكة بشرت مريم بولادة عيسى عليه الصلاة والسلام فالكلمة هنا هي بشارة الملائكة لمريم رضوان الله عليها بالمسيح عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، وقال الله تعالى:إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. يروى أنّ رجلًا قال لمريم ذات يوم: يا مريمُ، هل يكون زرع من غير بَذر؟! قالت: نعَم، فمن خَلقَ الزرعَ الأول؟! ثم قال: فهل يكونُ ولدٌ من غير ذَكر؟! قالت: نعم، إنّ الله خلقَ آدم من غير ذكر ولا أنثى. وهذا لا يُعجِزُ الله لأنَّ إعتقادنا في الله تعالى أنه قادرٌ على كل شىء وهو الذي يخلق ما يشاء، والأبَ والأم سبب لوجود الولد لكن متى شاءَ الله يُسقِطُ السَببَ لأنهُ خالق الأسباب بقدرته وحكمته سبحانه وتعالى، فعيسى عليه السلام عبد الله ونبيه ورسوله، هذه عقيدتنا وديننا..، بل كانت أول كلمات السيد المسيح عليه السلام حين نَطَقَ بالمهد وهو طفل بقدرة الله تعالى ما أخبر الله عنه في القرآن: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا  

ونعتقد ونجزم أنَّ المسيح عيسى ابنَ مريم عليه السلام لم يُقتَل ولم يمت، بل القىَّ الله الشَبه على رجل آخر فَصُلِبَ مكانه، قال الله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، هذا ما أخبر الله به العليم الخلاق القادر، ولا كلام بعدَ كلام الله تعالى، إننا نفرح بولادة المسيح عليه السلام، وفرحنا إعتقاد برسالته وتصديق لما جاء به من عند الله، وإيمان به على ما جاء في كتاب ربنا تبارك وتعالى.

فللمسيح في قلوب المسلمين الحب والتقدير والتعظيم بل ثبت في ديننا أنّ من إستهزء أو نَالَ من هذه النبّي السيد العظيم لا يُعَدُ مُسلماً عندَ الله تعالى، لأنَّ من أصول ديننا الإيمان برسل الله تعالى كلهم أنهم دينهم واحد وأمهاتهم مختلفات أي شرائعهم مختلفة في الأحكام لا في العقيدة، أي دينهم عقيدة التوحيد لله تعالى أنه موجود لايُشبهُ الموجدات ولا يجوز أن يوصف بصفة من صفات الخلق لأنَّ الله تعالى هو الخالق الذي لاشبيه ولا مثيل له في خَلقه لا في الصفات ولا في الذات فاللهُ تعالى أرسَلَ الرُسلَ وأنزلَ الكُتبَ في ذلك وأمر النّاس بذلك أن يوحدوه ولا يشركوا به شىء قال الله تعالى: إنَّ الدينَ عنّدَ اللهِ الإِسلام، اللهَ نَسأل أن يَنفعُنا بالقرأن العظيم وأن يجمعنا بالسيد النبي المكرم المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وعلى أمه الطاهرة الرضوان والسلام.