الأبراج ومعرفة المستقبل!، حكم الأبراج في الإسلام
الأبراج ومعرفة المستقبل!
الأبراج هي منازل الكواكب والشمس والقمر وهي خَلْق من مخلوقات الله تعالى لا تأثير لها على حياة الناس ولا بمستقبل حياتهم ولا بتصرفاتهم. وقد كثر في هذا الزمان إهتمام الناس بالأبراج ومن يسمون بالفلكيين، فنرى الكثيرين يقصدون هؤلاء "الفلكيين" أو يتتبعونهم في وسائل الإعلام المختلفة للسؤال عن حظهم وما سيجري لهم في مستقبل حياتهم، والحقيقة أن هؤلاء الفلكيين الذين يدّعون المعرفة بعلم الفلك والبروج هم أناسٌ مخادعون يخدعون الناس البسطاء وينشرون الخرافات ويدّعون ارتباطهم بالسماء ونجومها والأبراج وأنواعها، يستهدفون من وراء ذلك الشهرة وجمع الأموال من وراء تجارة رخيصة يخدعون بها الناس يدعون المعرفة بأسرار النجوم ويروجون الأوهام في أذهان الناس تحت شعار "حظك اليوم ... أو مستقبلك غدًا .. أو أعرف حظك" وما أشبه ذلك …!! وكلها بضاعة فاسدة ومفسدة يتم ترويجها في سوق ضعاف النفوس، وضعاف الإيمان الذين لا يتوكلون على الله تعالى حق توكله، فيلجأون إلى هؤلاء المخادعين "الفلكيين" المدَّعي المعرفة بالأبراج.
والدلائل كثيرة والتجارب عديدة لا تحصى وكلها تدل على كذب هؤلاء وخداعهم وتمويهاتهم وكلها وقائع وحوادث رصدناها من واقع الحياة لشخصياتٍ وأناسٍ لهم تجارب سابقة مع هؤلاء الفلكيين المخادعين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويضحكون عليهم بعبارات معسولة وأماني عريضة ويفسدون حياة الناس بالتمويهات السخيفة والادعاءات الكاذبة الملفقة، والخرافات الباطلة.
حكم الإسلام في الأبراج
الإسلام هو دين التوحيد. دينٌ يوافقُ العقل السليم الذي هو شاهد له، وأساسه الإيمان بالله تعالى ورسوله وعبادة الله تعالى وحده وأن لا يُشرك به شىء، وأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شىء ولا يشبه شيئًا من مخلوقاته، وأنه سبحانه هو خالق كل شىء، خالق الأسباب ومُسبَّباتِها، وأنه لا خالق لشىء من الأشياء من الأعيان والأعمال إلا الله عز وجل، وأنّ الله جل جلاله صانعُ كل صانعٍ وصنعته، وأنه لا يجري شىء في هذا العالم كلِه من أعلاه إلى أسفله والذي هو ملك الله عز وجل إلا بخلق الله وعلمه ومشيئته وقدرته وقضائه وقدره، وأن الغيب كل الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، يقول الله تبارك وتعالى قل لا يعلمُ من في السمواتِ والأرضِ الغيبَ إلا الله.
ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره رواه مسلم. ومعناه أن المخلوقات التي قدَّرها الله عز وجل وفيها الخير والشر تحدث بتقدير الله تعالى الأزلي، فلا يحدث في هذا العالم شىء إلا بعلمه ومشيئته وقضائه وقدره ولا يصيب العبدَ شىءٌ من الخير والشر أو الصحة أو المرض أو الفقر أو الغنى أو غير ذلك إلا بخلقه تعالى ومشيئته وقضائه وقدره، ولا يُخطىءُ العبدَ شىءٌ قدّرَ الله تعالى وشاء أن يصيبه.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام واعلم أنَّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليُخطِئَك ويقول صلى الله عليه وسلم أيضًا واعلم أن الأمةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك بشىء لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك. ويقول الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه: إن أحدكم لن يخلص الإيمان إلى قلبه حتى يستقين يقينًا غير شك أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ويُقرَّ بالقَدَر كله ولقد علّم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إحدى بناته أن تقول: "ما شاء اللهُ كان وما لم يشأ لم يكن" فمشيئة الله تبارك وتعالى شاملة لكل شىء يكون ويوجد في هذا العالم، لأن هذا العالم ملكه سبحانه وتعالى ولا يجري في ملكه إلا ما شاء وأراد.
وأما عن حكم الدين في ظاهرة اهتمام كثير من الناس بالأبراج واللجوء إلى الفلكيين لسؤالهم عن حظهم اليومي وطلب معرفة النصيب وعما سيحدث لهم في مستقبل حياتهم فهذا حرام مخالف للشريعة الإسلامية. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدَّقَهُ بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد أي من ذهب إلى كاهن أو عرّاف واعتقد أنه يعلم الغيب كلّه فقد كفر والعياذ بالله تعالى، وأما من كان يظن أنه قد يوافق الواقع، ولكنه ليس مطلعًا على الغيب فإنه لا يكفر بل يكون عاصيًا بسؤاله هؤلاء الكهنة والعرافين.
والعراف هو الذي يتعاطى الإخبار عن الماضي كالشىء المسروق مثلاً، والكاهن هو الذي يتعاطى الإخبار عن الكائنات في المستقبل اعتمادًا على النظر في النجوم وعلى أسباب ومقدمات يستدل بها أو غير ذلك كالذين لهم أصحاب من الجن يأتونهم بالأخبار فيعتمدون على أخبارهم فيحدّثون الناس بأنه سيحصل لهم كذا وكذا، وممن يدخل في ذلك أيضًا من يعتمد في أخباره على الضرب بالمندل والنظر في فنجان قهوة البُن. وكذا الذي يعتمد على كتاب "قرعة الأنبياء" وكتاب "قرعة الطيور" وكتاب أبي معشر الفلكي الذي يدعي أن البشر كلهم أحوالهم مرتبطة بالبروج الإثنى عشر وأن كل مولود يرجع أمره إلى أحد هذه الأبراج.
إن الأبراج هي منازل الكواكب والشمس والقمر وهي خلْقٌ من مخلوقات الله عز وجل لا تأثير لها على حياة الناس ولا بتصرفاتهم ولا بمستقبل حياتهم. وكذلك النجوم التي تسبح في السماء والتي لا يحصي عددها إلا الله تعالى خالقها ومدبرُ أمرها، هي ءايات دالات على وجود الله وعظيم قدرته سبحانه وتعالى، وقد جعلها الله تعالى زينة للسماء وجعل الشهب رجومًا للشياطين أي أن الشياطين المسترقين للسمع وللأخبار التي تتحدث بها الملائكة وهي في السحاب تُرجم بشهب تنفصل عن هذه النجوم إذلالاً لهم، يقول الله تبارك وتعالى ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشياطين [سورة تبارك/5]. كذلك جعل الله عز وجل هذه النجوم الجميلة التي هي زينة السماء الدنيا هداية للمسافرين، يستنيرون بها في ليالي سفرهم المظلمة فيرتاحون لرؤيتها ويفرحون لضيائها وجمالها، يقول الله عز وجل وهو الذي جعلَ لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون} [سورة الأنعام/97]. ويقول عز من قائل وعلاماتٍ وبالنجم هم يهتدون [سورة النحل/16].
مما تقدم ندرك يقينًا أن الأبراج خلْقٌ من مخلوقات الله عز وجل كغيرها من المخلوقات وقد جعلها الله تبارك وتعالى منازل الكواكب والشمس والقمر، وفي خلقها حِكم بالغة وءايات نيرة دالّة على عظيم قدرة الله عز وجل. وكذلك النجوم جعلها الله تبارك وتعالى زينة للسماء وهداية للمسافرين وهي والأبراج لا علاقة لها كلها بهؤلاء مدعي علم الفلك الذين ينشرون الخرافات والأكاذيب بين الناس ويدعون ارتباطهم واتصالهم بالسماء ونجومها وأبراجها فيجعلون الناس الذين يقصدونهم للسؤال عن حظهم في اليوم والغد يعيشون على الأوهام، والقلق والخوف والرعب وعدم الطمأنينة في حياتهم ومعيشتهم بل ويصدونهم عن مزاولة معيشتهم ومنافعهم اليومية والمستقبلية.
المؤمن المتوكل
إن المؤمن من شأنه التوكل والاعتماد على الله عز وجل خالق كل شىء، خالق المنافع والمضار وخالق كل ما يدخل في هذا الوجود، وعقيدة المؤمن أنه لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى وأنه لا يحصل شىء للعباد سواء في حاضرهم أو مستقبلهم إلا على حسب مشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره كما قال الله سبحانه وما تشاؤون إلا أن يشاء اللهُ رب العالمين، وكما قال سبحانه إنا كل شىء خلقناه بقدر[سورة القمر/49] وقال جلَّ من قائل وخلق كل شىء فقدره تقديرًا [سورة الفرقان/2].
إن من شأن المؤمن المتوكل في أموره على الله تعالى، خالقه ومالك أمره، الملتزم بتعاليم دينه أن لا يلجأ في أمور معيشته اليومية والمستقبلية إلى هؤلاء الفلكيين الدجالين مدعي علم الأبراج والمعرفة بأسرار النجوم والأبراج الذين يروجون الأوهام ويفسدون على الناس حياتهم لأجل جمع المال.
صلاة الاستخارة
إن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشدنا إلى وسائل وأعمال مباركة طيبة يرضاها الله عز وجل لنعملها إذا ما أردنا أن نُقدمَ على أعمال وأمور مستقبلية لا نعلم إن كانت خيرًا لنا في ديننا ومعاشنا وعاقبة أمرنا ومستقبل حياتنا. ومن هذه الإرشادات النبوية المباركة صلاة الاستخارة التي علَّمها النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام، فعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرءان يقول صلى الله عليه وسلم: إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرُك بقدرتك وأسألُك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدر وتعلمُ ولا أعلم وأنت علامُ الغيوب، اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال عاجل أمري وءاجله) فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال عاجل أمري وءاجله) فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به، قال ويسمّي حاجته.
قال العلماء: إن الاستخارة مستحبة في جميع الأمور وتحصل بصلاة ركعتين من النوافل وبالدعاء المذكور الذي علّمه الرسول عليه الصلاة والسلام للصحابة، وإذا استخار العبدُ المؤمنُ ربَّه عز وجل مضى بعدها لما ينشرح له صدره مما لا حرج فيه. فائدة: بعد أن يصلي المصلي المستخير ركعتين ويدعو دعاء الاستخارة يمضي فيما يريده ولا يشترط أن يرى منامًا. فمعنى الاستخارة أن يطلب من الله تعالى أن ييسر له أحد الأمرين المباحين.
أخي المسلم، توكل على الله عز وجل في أمورك كلها وكن على ثقة كبيرة بالله تبارك وتعالى، واعلم أنه لا يُصيبُك إلا ما قدّره الله تعالى وكتبه لك، يقول الله تبارك وتعالى قل لن يُصيبَنا إلا ما كتبَ الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون[سورة التوبة/51].
اللهم ارزقنا حسن التوكل عليك في أمورنا كلها وارزقنا من اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا، وأبعدنا عن الحرام وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.