صلة الرحم
صلة الرحم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى جميع الأنبياء ومن تبعهم بخير إلى يوم الدين.
صلة الرحم وهي وصل الأقارب بزيارة أو رسالة أو مكالمة هاتفية لأن قطيعة الرحم من الذنوب التى نهى الله عباده عنها ففي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أمرٌ بصلة الرحم، وترغيب في ذلك، قال الله تبارك وتعالى: وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ [النساء:1] وصلة الرحم والمعنيُّ بالرحم أقاربَك من جهة أبيك وأمك، إخوانَك وأخواتِك، أعمامَك وعماتِك، أبناءَ أخيك وأبناءَ أخواتك، أبناءَ عمك، وأقاربَك من حيث الأب، أخوالَك وخالاتِك، أقرباءَ أمك، كلُّ أولئك رحم، أنت مدعوٌّ لصلة تلك الرحم. وهذه الزيارة أو الرسالة تجعل صلتَك بأقاربك قويةً متينة، يشعرون منك بالوصل و بالرحمة والشفقة والعطف عليهم، بسؤالك عنهم، و بإحسانك إليهم إن كانوا بحاجة لذلك، و من ذلك دعوتُهم إلى الخيروالنصح لهم، وإرشادهم إلى الهدى، وهذه الصلة للرحم من الواجبات على المسلم تجاه أقرباءه المسلمين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ففي الحديث إشارة إلى جعل صلةَ الرحم من علامات كمال الإيمان بالله واليوم الآخر، فأكملُ الناس إيماناً من كان واصلاً لرحمه.
وقد يحول بينك وبين وصل رحمك أمور منها اختلاف في وجهات النظر أحياناً، فتحمِل بعضَ الناس إلى الحقد على رحمه، وكراهية ومعادة رحمه، وقد يكون السبب أحيانا تعصب لزوجة أو العكس أو لأخ ونحو ذلك، فتحمل زوجَها على البعد عن أرحامه وقطيعة رحمه، وتزين له السوءَ، وتنقل كلَّ خطأ قاله الرحم أو فعله، لتبعد زوجَها عن رحمه، وتحول بينه وبين رحمه، فتقول: رحمُك وأقاربك قالوا: كذا، قالوا: كذا، فعلوا كذا، قالوا: كذا، لماذا !!؟ تريد أن تجعلها وسيلةً للحيلولة بين الإنسان وبين رحمه وأقربائه، أو قد يكون العكس من الزوج تجاه زوجته وأهلها فكم من زوج حرض زوجته على قطيعة أقربائها بل مع التهديد بالطلاق ونحوه وما أبعد هذا الفعل عن الصواب، ولكن المؤمن الذي يخاف الله ويتقيه ولا يُصغي لمثل هذه الكلمات ولا يقيم لها وزناً، لأن صلته لرحمه لا يريد بها جزاءً من الخلق ولا ثناءً منهم، ولا كونَه فوقهم مرتبةً، ولا أن يتسلَّط عليهم بنفوذ الأمر والكلمة، كلُّ تلك الترهات لا تخطر بباله، إنما يريد من صلة رحمه قربةً يتقرَّب بها إلى الله و طاعةً يطيع الله بها، وعملاً صالحاً يرجو من الله الأجر والثواب في الآخرة، ولذا يقول سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ليس الواصل الذي يقول: رحمي زارني سأزوره، رحمي دعاني سأدعوه، رحمي أهدى إلي سأهدي إليه، رحمي... لا، ولكن الواصل الذي يصل ولو أدبرو ولو قطعوا فإذا قطعت الرحم وأبعدت الرحم لاتعاملهم بالمثل بل كن عامل بما علمنا رسول الله أنك تصل ولست تكافىء وتجزي فقط من يعاملك بخير.
وصلة الرحم فيها منافع في الدنيا والآخرة فهي تسل الحقد من القلوب وتقوى الروابط الأسرية التى أمر الشرع بها وليس من عادات المسلمين ما يفعله البعض من أنه يقول من لايزورني لاأزوره ومن لايرد لي المكالمة لاأبادر بالإتصال به بل في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم صل أرحامك ولو هم أدبروا أي ولو لم يبادروا هم بالسؤال عنك بادر أنت وأغنم الأجر من الله تعالى، واحذر ان تكون قاطع لرحمك بسبب شهوة النفس والإنتصار لها قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ [محمد:22، 23]. والنبي صلى الله عليه وسلم حث حثاً شديد على صلةالرحم بقوله عليه الصلاة والسلام: من أحب أن يبسط له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليصل رحمه فصلة الرحم سبب لبركة الرزق، وسبب لبركة العمر، أو بركة في لياليه وأيامه وتوفيقاً لعمل صالح وسبب لمدح الإنسان حيا وميتاً.