السبت 16 شعبان 1446هـ 15-2-2025م

أهمية المحافظة على الصلاة في أوقاتها

Home » فقه وأحكام » أهمية المحافظة على الصلاة في أوقاتها

أَهَمِّيَّةُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ في أَوْقَاتِهَا

 مَعْنَى إِقَامَةِ الْصَّلاةِ هُوَ أَدَاءُ الْصَّلَوَاتِ كَمَا أَمَرَ اللهُ في أَوْقَاتِهَا، بِأَنْ لا تُخْرَجَ صَلاةٌ عَمْدًا عَنْ وَقْتِهَا، لأَنَّ اخْرَاجَ صَلاةٍ وَاحِدَةٍ عَنْ وَقْتِهَا بِلا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَإِنْ كَانَ في نَظَرِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أَمْرًا هَيِّنًا، لَكِنَّهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَكْبَرِ الْمَعَاصِي، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى مُبَيِّنًا لَنَا عُظْمَ مَعْصِيَةِ تَرْكِ الْصَّلاةِ: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُون ومَعْنى قَوْلِ اللهِ تعالى: الّذِينَ هُمْ عن صَلاَتِهِمْ سَاهُون إخْرَاجُ فَرِيضَةٍ عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ الأُخْرَى، مَثَلاً إخْرَاجُ الظُّهْرِ حَتَّى يدخل وقت الْعَصْرِ، أَوْ إخْرَاجُ الْعَصْرِ عَنْ وَقْتِها حَتَّى تغيب الشمس ويُؤَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ، أَوْ إخْرَاجُ الْعِِشَاءِ عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى يطلع الصُبْح، أَوْ إخْرَاجُ صَلاةِ الْصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى تَطْلُعَ الْشَّمْسُ، كُلُّ هَذَا مِنْ كَبَائِرِ الْذُّنُوُبِ، لَيْسَ أَمْرًا هَيِّنًا كَمَا يَرَاهُ كَثِيرٌ مِنَ الْنَّاسِ. اللهُ تَبَارَكَ وتعالى تَوَعَّدَ مَنْ يُخْرِجُ صَلاةً عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْصَّلاةِ الأُخْرَى بِالْوَيْلِ، وَالْوَيْلُ هُوَ شِدّةُ الْهَلاكِ، شِدَّةُ الْعَذَابِ، فالَّذِينَ يُصَلُّوُنَ لَكِنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَ بَعْضَ الْصَّلَوَاتِ عَنْ أَوْقَاتِها حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْصَّلاةِ الأُخْرَى يستحقّون الويل.{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِـّين. الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُون أَيْ أَنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ لَكِنَّهُمْ يُخْرِجُوُن الْصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْصَّلاةِ الَّتي بَعْدَها لَهُمُ الْوَيْلُ، أَيِ الْعَذَابُ الْشَّدِيدُ في الآخِرَةِ، الأَمْرُ الَّذِي يَقُولُ اللهُ عَنْهُ شَدِيدٌ هُوَ شَدِيدٌ بِلا شَكٍّ، اللهُ تَبَارَكَ وتعالى لا يُخَوِّفُ عِبَادَهُ بِمَا لا حَقِيقَةَ لَهُ. فَاللهُ تَبَارَكَ وتعالى عَظَّمَ أَمْرَ تَرْكِ الْصَّلاةِ بِجَعْلِ عُقُوُبَةٍ شَدِيدَةٍ لَهُ في الآخِرَةِ، وَذَلِكَ في قَوْلِهِ: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِـّينَ. الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُون، هَذَا فِيمَنْ يُصَلِّي وَيُخْرِجُ بَعْضَ الْصَّلَوَاتِ عَنْ أَوْقَاتِهَا، فَكَيْفَ الَّذِي يَقْطَعُ الْصَّلاةَ سِنِينَ، لا يُصَلِّي صَلاةً، تَمْضِي عَلَيْه سنُونٌ ولا يُصَلِّي فَرِيضَةً، فَذَاكَ عَذَابُه أَعْظَمُ، فَيَجِبُ عَلَى المسلم الْمُكَلَّفِ أَنْ يَعْتَنِيَ لأَدَاءِ الْصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ في أَوْقَاتِهَا. ثم إِنْ كَانَ هُنَالِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْظُّهْرَ وَالْعَصْرَ في وَقْتٍ إحْدَاهُمَا، أَيْ في وَقْتِ الْظُّهْرِ تَقْدِيِمًا، أَوْ في وَقْتِ الْعَصْرِ تَأْخِيرًا كَالْمَرَضِ أو السَفَر، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مَعْصِيَةٌ، لا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْوَعِيد: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين الذِينَ هُمْ عن صَلاَتِهِمْ سَاهُون، لا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْوَعِيد، لا يَسْتَحِقُّ هَذَا الْوَعِيدَ، أَيِ الَّذِي هُوَ الْوَيْلُ، الْوَيْلُ مَعْنَاهُ الْهَلاكُ الْشَدِيدُ، الَّذِي يُؤَخِّرُ الْظُّهْرَ إِلى الْعَصْرِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا أَوْمُسَافِرًا لِيُصَلِّيَهُمَا في وَقْتِ الْعَصْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَرَجٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ، وَكَذَلِكَ في الْسَّفَرِ، مَنْ شَاءَ يُؤَخِّرُ الْظُّهْرَ إِلى قَبْلِ الْغُرُوبِ، فَيُصَلِّي الْظُّهْرَ وَالْعَصْرَ في وَقْتِ الْعَصْرِ، كَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، سَفَرٌ، أَوْ مَرَضٌ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ إِلى ءاخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ، بِحَيْثُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ الْعِشَاءَ قَبْلَ طُلُوُع الْفَجْرِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَرَجٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ، وَيَكُوُنُ لَهُ ثَوَابٌ أَيْضًا، لأَنَّهُ أَخَّرَهُمَا إِلى هَذَا الْوَقْتِ، لأَنَّهُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ إِلى هَذَا الْوَقْتِ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍ، وَهُوَ الْسَّفَرُ، أَوِ الْمَرَضُ. وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَهُوَ الإمَامُ أَحْمَدُ يَجُوُزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْظُّهْرِ وَالْعَصْرِ في وَقْتِ إحْدَاهُمُا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ في وَقْتِ إحْدَاهُمَا لأَيِّ عُذْرٍ مِنَ الأَعْذَارِ، وَهُوَ لَمْ يَحْصُرِ الْعُذْرَ بِالْمَرَضِ وَالْسَّفَرِ بَلْ وَسَّعَ، بَابُ الأَعْذَارِ عِنْدَهُ وَاسِعٌ. وَهَذِهِ الأَعْذَارُ مَنْ فَكَّرَ فِيهَا يَعْرِفُهَا، كَرَجُلٍ عَامِلٍ في مَعْمَلٍ، لا يَتَيَسَّرُ لَهُ مَكْسَبٌ ءَاخَرُ يَصْرِفُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ لِضَرُورِيَّاتِهِ إِلا هَذَا الْمَكْسَبَ، وَكَانَ صَاحِبُ الْمَعْمَلِ لا يَسْمَحُ لَهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ لأَدَاءِ صَلاةِ الْظُّهْرِ في وَقْتِهَا، لا يَسْمَحُ لَهُ، يَأكُلُ عَلَيْهِ شُغْلُهُ هَذَا كُلَّ وَقْتِ الْظُّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلى ءاخِرِهِ، وَكَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الْشَّمْسِ، هَذَا مَعْذُورٌ عِنْدَ الإمَامِ أَحْمَدَ، لَهُ أَنْ يَثْبُتَ في عَمَلِهِ هَذَا الَّذِي لا يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِحَيْثُ إِنْ قَطَعَ هَذَا الْعَمَلَ يَتَضَرَّرُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ يَسْتَدِرُّهُ، وَلا عَمَلٌ ءَاخَرُ يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ يُحَصِّلُ مِنْهُ كِفَايِتَهُ، فَهَذَا مَعْذُورٌ. أما أنّ كانَ يَجِدُ عمَلاً حلالاً ويستطيعُ إقامةَ الصلاةِ في وقتِها فيه ينتقلُ إليه. كَذَلِكَ الَّذِي عَمَلُهُ يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلى ءاخِرِهِ، وَهُوَ لا يَجِدُ بَدِيلاً عَنْ هَذَا الْعَمَلِ إِنْ تَرَكَهُ، وَكَانَ يَتَضَرَّرُ إِنْ تَرَكَهُ، وَصَاحِبُ الْعَمَلِ لا يَسْمَحُ لَهُ أَنْ يَتَوقّفَ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي وُكِّلَ بِهِ قَدْرًا يَسَعُ لأَدَاءِ الْمَغْرِبِ، هَذَا يُؤَخِّرُ صَلاةَ الْمَغْرِبِ إِلى قَبْلِ الْفَجْرِ، بِحَيْثُ لَوْ صَلاّهَا ثُمَّ صَلّى الْعِشَاءَ قَبْلَ أَذَانِ الْفَجْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ، لأَنَّ هَذَا تَأخِيرٌ لِعُذْرٍ، فَلا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ اللهِ تعالى:فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّـينَ الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُون إِنَّمَا الَّذِي يَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الآيَةِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّـينَ الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُون هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُسَافِرُونَ وَيُصَلُّوُنَ كَلَّ الْصَّلَوَاتِ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، كَذَلِكَ الَّذِي يَكُوُنُ في مَحَلِّ دَعْوَةٍ، دَعْوَةِ عُرْسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فيَتَكَاسَلُ عَنْ أَنْ يَقُوُمَ إِلى الْصَّلاةِ مِنْ بَيْنِ هَؤُلاءِ النَّاسِ الَّذِينَ لا يَهْتَمُّوُنَ لِلْصَّلاةِ، يَقُوُلُ كَيْفَ أَنَا أَقُوُمُ مِنْ بَيْنِ هَؤُلاءِ الْنَّاسِ، فَيُؤَخِّرُ الْظُّهْرَ، يَقُوُلُ أُصَلِّيَهَا في الْبَيْتِ، أَوْ يَقُوُلُ أُصَلِّيَهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ، هَؤُلاءِ لَهُمُ الْوَيْلُ، لأَنَّهُ لا عُذْرَ لَهُمْ، إِنَّمَا يَسْتَحْيُوُنَ أَنْ يَقُوُمُوا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ لِلْصَّلاةِ، هَؤُلاءِ اسْتَحَقُّوُا عَذَابَ اللهِ، الْوَيْلُ الَّذِي هُوَ مَذْكُوُرٌ في هَذِهِ الآيَةِ اسْتَحَقُّوهُ، كَيْفَ يَتْرُكُونَ فَرْضًا مِنْ فَرَائِضِ اللهِ خَجَلاً مِنَ الْنَّاسِ؟ هُوَ في الْحَقِيقَةِ مَنْ قَوِيَ تَوْحِيدُهُ، يَشْهَدُ شُهُودًا وِجْدَانِيًّا في نِفْسِهِ أَنَّهُ لا ضَارَّ وَلا نَافِعَ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلا اللهُ. فَالإنْسَانُ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ لا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَلا غَيْرَهُ، وَلا يَنْفَعُ نَفْسَهُ وَلا غَيْرَهُ، إِلا بِمَشِيئَةِ اللهِ ، فَلِمَاذَا يَعْصِي رَبَّه مِنْ أَجْلِ الاسْتِحْيَاءِ مِنَ النَّاسِ، يَتْرُكُ فَرِيضَةً مِنَ الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ مِنْ أَجْلِ الاسْتِحْيَاءِ مِنَ النَّاسِ. وَهَذَا الأَمْرُ يَكْثُرُ مِنَ الْنِّسَاءِ، يَسْتَحِيْنَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بِيُوتِهِنَّ أَنْ تَقُوُمَ إِحْدَاهُنَّ لِلْصَّلاةِ، لأَدَاءِ الْصَّلاةِ في وَقْتِهَا، فَتُؤَخِّرُ صَلاةً، أَوْ صَلاتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، فَتَكُوُنُ مُسْتَحِقَّةً لِهَذَا الْوَيْلِ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون. اللهُ تَبَارَكَ وتعالى أَمَرَ بِإِقَامَةِ الْصَّلاةِ، وَمَعْنى إِقَامَة الْصَّلاةِ هُوَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا في أَوْقَاتِهَا، لا يُخْرِجُ صَلاةً عَنْ وَقْتِهَا إِلا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، كَمَا شَرَحْنَا، وَيَكُوُنُ قَدْ أَتَى بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا، هَذَا مُقِيمُ الْصَّلاةِ، هَؤُلاءِ الَّذِينَ مَدَحَهُمُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى في الْقُرْءَانِ الْكَرِيِمِ، بِإِقَامَتِهِمُ الْصَّلاةَ، قالَ تعالى:الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ لَيْسَ مَعْنى إِقَامَةِ الصَّلاةِ أَنْ يَقْطَعَ فَرِيضَةً أَوْ فَرِيضَتَيْنِ إِذَا كَانَ مَعَ النَّاسِ لِمُجَرَّدِ الاسْتِحْيَاءِ، هَؤُلاءِ لَيْسُوا مِنَ مُقِيمِي الْصَّلاة، لَيْسُوُا مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ مَدَحَهُمُ اللهُ. كَذَلِكَ مَنْ يُخِلُّ بِشَىْءٍ مِنْ أَمْرِ الْطَّهَارَةِ بِحَيْثُ لا تَكُونُ طَهَارَتُهُ صَحِيحَةً، كَأناس يَسْتَعْجِلُوُنَ فَيَتْرُكُونَ شَيْئًا مِنْ أَجْسَامِهِمْ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ الْمَاءُ في رَفْع الْحَدَثِ، هَؤُلاءِ لَيْسُوا مِنَ الْمُقِيمِينَ الْصَّلاةَ، لأَنَّ مِنْ إِقَامَةِ الْصَّلاةِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ إِنْ كَانَ جُنُبًا يُوُصِلُ الْمَاءَ إِلى جَمِيعِ جَسَدِهِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلاً، لَيْسَ شَرْطًا أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الْمَاءِ بَلْ إِذَا قَلَّلَ مِنَ الْمَاءِ ثَوَابُهُ أَعْظَمُ. كَانَ الْرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِمِقْدَارِ صَاعٍ أَحْيَانًا، بَعْضَ الأَحْيَانِ كَانَ يَكْتَفِي لِلْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ بِمِقْدَارِ صَاعٍ، وَالْصَّاعُ هُوَ أَقَلُّ مِنْ كِيلُويْنِ، لِغُسْلِهِ كَانَ يَكْتَفِي بِأَقَلَّ مِنْ كِيلُوَيْنِ. قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وروى البُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ قالوا لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ قَالَ فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا اهـ والدَّرَنُ هُوَ الْوَسَخُ. وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عليه وسلمَ يَقول: مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ تُؤتَ كَبيرَةٌ وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.  وَعَنْ أَبي مُوسى الأشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَل الجنة والبردان الصبح والعصر، وَعَنْ أَبي زُهَيْرٍ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الْبَشَائِرَ لِمَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ صَحيحَةً وَالتَّخْويفِ الشَّدِيدِ لِمَنْ أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلا عُذْرٍ كَيْفَ يَسُوغُ لِلْبَالِغِ أَنْ يَقَعَ في تَرْكِ الصَّلاةِ أَوْ في إِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلا عُذْرٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْفَرَاغَ وَالشَّبَابَ وَالْجِدَه مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَة فَينْبَغي مَلء الْفَرَاغِ بِالْخَيْر وَالاسْتِفَادَةُ مِنَ الشَّبَابِ لِلطَّاعَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْجِدَةِ أَيِ الْغِنَى بِصَرْفِ الْمَالِ في الطَّاعَاتِ حَتَّى لا يَكُونَ ذَلِكَ مَفْسَدَةً عَلَى صَاحِبِهِ.