المن بالصدقة
المنُّ بالصدقةِ من كبائر الذنوب وهو أن يعددَ نعمتهُ على ءاخذها كأن يقول له ألم أفعل لك كذا وكذا حتى يكسر قلبه أو يذكرها لمن لا يُحبُّ الآخذُ إطلاعهُ عليه وهو يُحبطُ الثواب ويُبطله قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ)، شبه الله تعالى المنَّ بالرياء لأن كليهما يحبطان الثواب، والمن من معاصي القلب لأنّ المنّ أصلاً في القلبِ لأنّ المانّ يقصدُ إيذاءَ الشخص فيتفرَّع من ذلك العمل البدني وهو ذكر إنعامهِ على الشخص بلسانه. وأما إذا أحسنَ الشخص لآخر وذاك أساء إليه فقال له ألمْ أحْسِن إليك بكذا وكذا ليكُفَّ أذاهُ عنه فيجوز إذا لم يكن على وجهِ الكِبر والكسرِ له. قال القرطبي: لا يكون المن غالباً إلا عن البخل والكبر والعجب ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم الله عليه، فالبخيل تعظم في نفسه العطية، وإن كانت حقيرة في نفسها، والعجب يحمله على النظر لنفسه بعين العظمه وأنه منعم بماله عن المعطي، والكبر يحمله على أن يحقر المعطى له وإن كان في نفسه فاضلا، وموجب ذلك كله الجهل ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم عليه، ولو نظر مصيره لعلم أن المنة للآخذ لما يزيل عن المعطي من إثم المنع وذم المانع ولما يحصل له من الأجر الجزيل والثناء الجميل. انتهى. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ: المَنَّانُ الذي لا يُعْطِي شيئًا إلَّا مَنَّهُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الفاجِرِ، والْمُسْبِلُ إزارَهُ)، ومعنى لا يكلمهم أي لا يسمعون ما فيه الرضى ومنهم المنان إذا لم يتب من هذه المعصية أو يعفوا الله عنه يستحق عذاب الله تعالى في الاخرة على منه بالعطاء على الناس فمن وقع في هذه الكبيرة فليتب الى الله بالندم على ما فعل من المنَّ المحرم والعزم على عدم العودة لهذه المعصية وليترك المنَّ وليكثر من الإستغفار.