إتخاذ الحيوان غرضا
من كبائر الذنوب اتخاذ الحيوان غرضا أي هَدَفًا كالشّىء الذي يُنْصَبُ ليُصِيبُوه بالرّماية من نحو القِرْطاس كَما يَفعَلُ ذلك بعضُ الشّبابِ لِلَّهو أو لتِعَلُّم الرماية. والقِرطاسُ قطعة من جلدٍ تُنْصَب للرَّمي . والغرض أي هدف يصوب سهمه أو بندقيته كاللرصاص على ذي روح لا ليصتاده بل ليتخذه هدفا للرمي كالذين يرمون على الطيور ولا يريدون أكلها ولا الإنتفاع من لحومها، فعن ابن عمر قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا".
وفي صحيح البخاري عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال كنت عند ابن عمر فمروا بفتية أو بنفر نصبوا دجاجة يرمونها فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها وقال ابن عمر من فعل هذا إن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن من فعل هذا " تابعه سليمان عن شعبة حدثنا المنهال عن سعيد عن ابن عمر لعن النبي صلى الله عليه وسلم من مثل بالحيوان وقال عدي عن سعيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي صحيح مسلم عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك قال دخلت مع جدي أنس بن مالك دار الحكم بن أيوب فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها قال فقال أنس "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم"
وفي هذا الحديثِ يَنْهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن جَعْلِ شَيءٍ فيه رُوحٌ غَرَضًا، أي: هدفًا يَرمي النَّاسُ عليه بسِهامِهم وما يُشبِهُها، وإنَّما نَهَى عنِ ذلك؛ لأنَّه يَكونُ سَببًا في تَعذيبِ الحَيوانِ وقَتلِه بغَيرِ فائِدةٍ، فإنَّما أمَرَنا بذَبْحِ الحَيوانِ عَلى سَبيلِ الرِّفقِ وليسَ على سَبيلِ العُنْفِ. وفيه هذا تَهديدٌ ووَعيدٌ لمَن اتَّخَذَ ذَواتَ الأرواحِ هَدفًا للَّعِبِ، مع ما فيه مِن إضاعةِ المالِ وإتلافِه سَفهًا دونَ فائدةٍ، وتَفويتٌ لذَكاتِه إنْ كان مُذكًّى، ولمَنفعتِه إنْ لم يكُنْ مُذكًّى. وكذلك فيه الرِّفقُ بِالحَيوانِ وعدمُ إتلافِه لغيرِ مَنفعةٍ، وعدمُ العبثِ بقَتلِه.