الثلاثاء 22 ربيع الثاني 1447هـ 14-10-2025م

زوجات النبيّ صلى الله عليه وسلم

Home » سير الأنبياء » زوجات النبيّ صلى الله عليه وسلم

النبي ﷺ توفيَ عن تسعِ زَوجاتٍ، وقد تزوجَ في حياتِهِ أكثرَ مِن ذلك. وَعَدَدَّ النَبيُّ ﷺ الأَزواجَ لمصلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمْنَفَعَةٍ كَبيرَةٍ رآها ﷺ منها:

نَشرُ أحكامِ الشريعةِ والتعالِيمِ النَّبويَّةِ بَينَ النساء، إذ إنَّ أحكامَ الشَرعِ كالحيضِ والنفاسِ وغيرِها مما هوَ خاصٌ بالنساءِ يَسْهُلُ انتشارُهُ بَيْنَهُّنَ مِن بَعْضِهِنَّ لِبَعْضٍ، بخلافِ ما لو كان انتشارُهُ حَصْرًا عن طريقِ الرِجالِ فإنَّ بَعْضَهُنَ قد يستحي أن يسألَ ويَسْتَفْصِل والزوجةَ ألصَقُ الناسِ بزوجها، وأعلَمُهم بحالِهِ، وأجرؤُهم على سؤالِهِ، وَخاصَةً فيما يُستحيا عادَةٍ مِنْ ذِكْرِهِ، فكان من الحِكمَةِ البالِغَةِ أن تكثُرَ زوجاتُ النبي ﷺ لينقُلْنَ الخاصَّ والعامَّ من أقوالِهِ وأحوالِهِ وأفعالِهِ الشريفة، ويسألنَهُ عما لا يجرؤُ غَيرُهُنَّ على أن يسألَهُ عنه، ثم يُبَلِّغْنَ ذلك للأُمَةِ، وقد حَصَلَ ذلكقال الله تعالى:  (  وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) وَمِنْهَا جَمْعُ شَتَاتِ الْقَبَائِل بِالْمُصَاهَرَةِ، وَهَذَا مِمَّا جَعَلَ الْقُلُوبَ تَلْتَفُّ حَوْلَه وَتَنَصُّرُه، إذْ قَدْ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَعَلِّقٌ الْقَلْبِ بِالنِّسَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَنِيعِه ﷺ إذْ أَنَّ أَوَّلَ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا كَانَتْ السَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَكَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَهُ وَلَهَا أَوْلَادٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ سِنُّهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً وَهُوَ ﷺ خَمْسٌ وَعِشْرِينَ سَنَة. وَلَمْ يُعَدِّد النَّبِيُّ ﷺ الزَّوْجَاتِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ رضيَ الله عنها، وَكَانَ سِنُّهُ ﷺ قَرِيبَ الْخَمْسِينَ سَنَةً. وَلَمْ يَتَزَوَّجْ ﷺ بِكْرًا قَطُّ غَيْرَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَكَانَتْ هِيَ أَجْمَلَ نِسَائِهِ وَأَصْغَرَهُنَّ وَأَحَبُّهُنَّ إلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَخْرُجُ فِي لَيْلَتِهَا إلَى الْبَقِيعِ يَسْتَغْفِرُ لِأَهْلِهَا كَمَا روى مُسْلِمٌ عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا كَانَتْ تَمُرُّ لَيْلتي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَّا خَرَجَ إلَى الْبَقِيعِ -أَيْ جَبَّانَة الْمَدِينَة- يَدْعُو لِأَهْل الْجَبَّانَة هَذَا مَعَ مَا أُوتِيَهُ ﷺ مِنْ الْجَمَالِ وَالْقُوَّةِ الْجَسَدِيَّة وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَارَ الْحَيَاةِ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا مُعْرِضًا عَنْهَا، مُقْبِلًا عَلَى الآخِرَةِ مُهْتَمًّا لَهَا، وَشَتَّانَ بَيْنَ مَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ وَحَالُ الْمُتَعَلِّق الْقَلْبِ بِالنِّسَاءِ الْمُتَتَبِّع لِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ، وَحَاشَا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَذَلِكَ. وَأَمَّا حَدِيثُ «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَيْلُ الطَّبِيعِيُّ مِنْ غَيْرِ تَتَبُّعٍ ، أَيْ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِيهِ حَبًّا أَيْ مَيْلًا طَبِيعِيًّا إلَى الطِّيبِ وَالنِّسَاءِ، وَلَيْسَ حَبًّا تَعَلُّقيًا، وَإِنَّمَا الْحَبُّ التَّعَلُّقِيُّ بِقَلْبِهِ وَالرَّاحَةُ الْقَلْبِيَّة وَاللَّذَّةُ لِلصَّلَاةِ وَلِذَا كَانَ يُنَادِي ﷺ بِلَالًا الْمُؤَذِّنَ وَيَقُولُ يَا بِلَالُ، أَقِمْ الصَّلَاةَ، أَرِحْنَا بِهَا. وأمهات المؤمنين اللواتي مات عنهنَّ النبي:

١- (عَـائِـشَـة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هي بِنْتُ أبِي بَكْرٍ الصِّديقِ عَبدِ اللهِ بِنِ أبي قُحافَةَ. وَأمُّها أُمُّ رُومان بِنتُ عامِرِ بِنِ عُوَيْمِر. تُوُّفِيَّ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهَا وعُمُرُها ثَمانِيَةَ عَشَرَ سَنَةً.  وعن عائشة رضي الله عنها أن جبريل جاء بصورتها في خِرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “هذه زوجتُك في الدنيا والآخرة” عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم يومًا:(يا عائشُ، هذا جبريل يُقرئك السلام)، قالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، تَرى ما لا نَرى؛ تريد رسولَ الله صلى الله عليه وسل، وكان الوحي ينزل في بيت عائشة رضي الله عنها قالت السيدة عائشة: كان الناس يتَحرَّون بهداياهم يومَ عائشة، قالت: فاجتمَعن صواحبي إلى أم سلمة، فقُلن لها: إن الناس يتَحرَّون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشةُ، فقولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الناس أن يُهدوا له أينَما كان، فذكرَت أمُّ سلمة له ذلك، فسكَت فلم يردَّ عليها، فعادت الثانيةَ، فلم يردَّ عليها، فلما كانت الثالثة قال:يا أمَّ سلمة، لا تؤذيني في عائشة؛ فإنه والله ما نزَل عليَّ الوحيُ وأنا في لحاف امرأة منكنَّ غيرها، فضل عائشة على النساء كفَضلِ الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ»، والثَّريدُ: الخُبزُ المُكسَّرُ الَّذي وُضِعَ عليه اللَّحمُ والمَرَقُ، والمُرادُ بالفَضيلةِ: نَفْعُه، والشِّبَعُ منه، وسُهولةُ مَساغِه، والالتِذاذُ به، وتَيسُّرُ تَناوُلِه، وتَمكُّنُ الإنْسانِ مِن أخْذِ كِفايَتِه منه بسُرعةٍ، وغيرُ ذلك؛ فهو أفضَلُ مِن سائرِ الطَّعامِ في ذلك.وهذا مَثَلٌ؛ كأنَّ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها فُضِّلتْ على النِّساءِ كفَضلِ اللَّحمِ على سائرِ الأطْعِمةِ، وأنَّ فَضْلَها زائدٌ كزِيادةِ فَضلِ الثَّريدِ على غَيرِه منَ الأطْعِمةِ؛ إشارةً إلى ما أُعطيَتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها مِن حُسنِ الخُلقِ، وحَلاوةِ المَنطِقِ، ويَكْفي أنَّها عقَلَتْ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما لم يَعقِلْ غَيرُها منَ النِّساءِ، ورَوَتْ ما لمْ يَرْوِ مِثلَها مِن الرِّجالِ.

٢- (حَـفْـصَة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ بِنْتِ حَبِيب. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَتُوُفِّيَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فِي خِلَافِهِ مُعَاوِيَة وَدُفِنَتْ فِي الْبَقِيعِ.

٣- (سَوْدَة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسٍ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَأُمُّهَا الشَّمُّوسُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَتُوُفِّيَتْ رَضِيَ لِلَّهِ عَنْهَا فِي خِلَافِةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ بِالْمَدِينَة.

٤- (صَفِيَة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ حُيَيٍّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. سَبَاهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي خَيْبَرَ وَأَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا. تُوُفِّيَتْ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي خِلَافِةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.

٥- (مَيْمُونَة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ، وَأُمُّهَا هِنْدُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ زُهَيْرٍ. كَانَ اسْمُهَا بَرَّةُ فَغَيَّرَ النَّبِيُّ ﷺ اسْمَهَا إلَى مَيْمُونَةَ.  تَزَوَّجَهَا سَنَةَ سَبْعٍ لِلْهِجْرَة. وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَة.

٦- (رَمْلَة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ صَخْرِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَأُمُّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَتُسَمَّى أُمَّ حَبِيبَةَ. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ ﷺ سَنَةَ سَبْعٍ لِلْهِجْرَة وَكَانَتْ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَأَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مَهْرَهَا أَرْبَعُمِائَةَ دِينَارٍ. تُوُفِّيَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ لِلْهِجْرَة.

٧- (هِنْد) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَامِرِ، كَانَتْ تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ فَتُوُفِّيَ عَنْهَا وَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ ﷺ سَنَةَ أَرْبَعٍ لِلْهِجْرَة. تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ لِلْهِجْرَة.

٨- (زَيْنَب) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ، وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ عَمَّةُ النَّبِيِّ ﷺ، كَانَتْ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَة.  وَطَعَنَ بَعْضُ الْكُفَّارِ فِي النَّبِيِّ ﷺ بِقَوْلِهِمْ: «إنَّ مُحَمَّدًا احْتَالَ عَلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ لَمَّا عَلِقَتْ نَفْسُهُ بِزَيْنَبَ حَتَّى تَوَّصَلَ لِزَوَاجِهَا» وَمِثْلُ هَذَا لَا يَلِيقُ بآحَادِ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ،  وَالنَّبِيُّ ﷺ لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهُ بِزَيْنَبَ جَدِيدَةٍ لِأَنَّهَا بِنْتُ عَمَّتِهِ أُمَيْمَةَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ زَوْجُهَا مِنْ زَيْدٍ، ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ نَبِيِّهُ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَكَانَ لَا يَزَالُ بَيْنَ زَيْدٍ وَزَيْنَبَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الأَزْوَاجِ مِنَ الْخُصُومَاتِ، وَكَانَ النَّبِيُّ يَأْمُرُهُ أَنْ يُمْسِكَ عَلَيْهِ زَوْجَهُ وَأَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ تَبَنَّى زَيْدًا قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَكَانَ يَخْشَى قَوْلَ النَّاسِ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِه، وَلَكِنْ أَرَادَ اللَّهُ إبْطَالَ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَحْكَامِ التَّبَنِّي بِأَمْرٍ وَاضِحٍ وَهُوَ تُزَوُّجُهُ امْرَأَةَ الَّذِي يُدَعَى ابْنًا لَهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا}. وَلَمَّا نَزَلَتْ الآيَةُ أَظْهَرَ ذلِكَ النَّبِيُّ ﷺ وَتَلاهُ قُرْءَانًا على النَّاسِ.  وأَمَّا حَدِيْثُ زَيْنبَ بنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النّبي ﷺ أنَّها كَانَت تقُولُ لِنِسَاءِ الرَّسولِ ﷺ «زَوّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي الله منْ فَوقِ سَبْعِ سَماواتٍ» فَمعْنَاهُ أَنَّ تَزوُّجَ النّبيِّ ﷺ بِها مُسَجَّلٌ في اللّوحِ المحفُوظِ وهذه كتابةٌ خاصَةٌ بِزَيْنَبَ ليسَتِ الكِتابَةَ العامَّةَ، الكتابَةُ العامَّةُ لكلِّ شَخْصٍ فكلُّ زِواجٍ يَحْصُلُ إِلى نِهايَةِ الدُّنْيَا مُسَجَلٌ، واللّوحُ فَوقَ السَّـمـواتِ السَّبْعِ.

٩- (جُوَيْرِيَة) رَضيَ اللهُ عَنْهَا، هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ أنْ أَعْتَقَهَا وَأَسْلَمْت بَعْدَ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. تُوُفِّيَتْ وَهِيَ ابْنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً فِي شَهْرِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ فِي خِلَافِةِ مُعَاوِيَة.   وَزَوْجَاتُ النَّبِيِّ ﷺ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا أَخْبَرَ رَبَّنَا فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} أَيْ كَالْأُمَّهَاتِ فِي تَوْقِيْرِهِنَّ واحتِرامِهِنَّ وإِجْلالِهِنَّ وفِي حُرْمَةِ نِكَاحِهِنَّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَيْسَ فِي زَوْجَاتِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا فِي زَوْجَاتِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ امْرَأَةٌ غَيْرُ شَرِيفَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ زَوْجَةٌ زَانِيَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأت لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}، مَعْنَاه خِيَانَةَ الدَّيْنِ فَلَمْ تَؤُمَّنَا بِهِمَا بَلْ كَانَتَا كَافِرَتَيْن.