أولاد النبي ﷺ سبعة، ثلاثة من الذكور وأربعة من الإناث، وكلهم من زوجته الأولى خديجة رضي الله عنها باستثناء إبراهيم فإنه من مارية القبطية. وهم زينب ثم القاسم ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله ثم إبراهيم
القاسم هو أول أولاده ﷺ الذكور من خديجة، وهو أكبر أبنائه وبه كان ﷺ يكنى. ولد بمكة قبل البعثة ومات صغيرًا عمره سبعة عشر شهرًا وقيل أكثر . وهو أول من مات من أولاده وعاش سنتين. وثاني أولاده ﷺ من الذكور عبد الله، ويلقب الطيب الطاهر أيضًا، لأن ولد في الإسلام على الصحيح ومات عبد الله بمكة. ” الطيّب الطاهر” وهو ولد واحد سمّي بهما معًا واسمه الذي سُمّي به أولاً عبدُ الله ثم سُمّي بعد ذلك الطيّب الطاهر. وثالث أولاده ﷺ من الذكور إبراهيم، ولد بالمدينة سنة ثمان للهجرة، وعاش بها سنة ونصف سنة على الأشهر. وأمه مارية بنت شمعون القبطية، أهداها للنبي ﷺ المقوقس، فأسلمت واتخذها النبي ﷺ سرية ولم يتزوجها. و لما كان ولد رسولِ الله إبراهيم يحتضر دخل النبي عليه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله ﷺ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» رواه البخاري ومسلم. وفي هذا الحديث تعليم لنا بالتحلي بالصبر عند المصائب وبترك الاعتراض على الله تعالى مهما نزلَ بنا من البلاء والمصائب لأنَّ الله تعالى هو خالقنا وهو مالكنا على الحقيقة وهو يفعل بنا ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} إنَّها رحمةٌ، أي: رِقَّةٌ في القَلبِ عِندَ فِراقِ الأحبَّةِ تتهيج، فتبعَثُ على حُزنِ القَلبِ، وبُكاءِ العَينِ ولا يُلامُ عليها المرء، ثمَّ قال: «إنَّ العينَ تدمَعُ، والقلبَ يحزَنُ” بمقتضى العادة التى خلق الله عليها الانسان من الحزن والبكاء «ولا نقولُ إلَّا ما يُرضي ربَّنا» مِن الحَمدِ والاسترجاعِ، كقول: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعونَ، اللهمَّ أجُرْني في مُصيبتي وأخْلِفْني خيرًا منها، « وإنَّا بفِراقِك يا إبراهيمُ لَمَحزونونَ » وليس الحزنُ أمرٌ أودَعه اللهُ فينا، وأوقَعه في قلوبِنا، فلا نُلامُ عليه إلَّا إذا قُلْنا أو فعَلْنا ما لا يُرضي ربَّنا. وفي الحديثِفوائد منها : أنَّ المؤمنَ لا يقولُ عندَ المصيبةِ ولا يَفعَلُ إلَّا ما يُرضي اللهَ عزَّ وجلَّ .وفيه: تقبيلُ الولدِ وشَمُّه .وفيه: مَشروعيَّةُ البُكاءِ برَحمةٍ على المَيتِ، مع عدَمِ الاعتراضِ على قضاءِ اللهِ تعالَى.
تنبيه: حديث:( المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ )، محمول على إذ أوصى بالنياحة عليه أو سكت عن النهي عنه وهو يظن أنهم يفعلون بعد موته، ولا يجوز أن يقال ما يقوله البعض لأهل الميت لا تبكوا فانه يعذب بالبكاء والبعض يزيد كل دمعة منكم تكون جمراً عليه هذا لا أصل له في الدين.
وأول بنات النبيّ ﷺ من حيث الفضل هي فاطمة الزهراء رضي الله عنها، زوج علي بن أبي طالب، وأم السبطين الحسن والحسين أولي الفضل الظاهر المعروف عند كل المسلمين. قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فاطمة سيدة نساء اهل الجنة) وسُمّيت فاطمة”البتُول”لأنَّ الله فطمها سلمها الله وذريتها من النار، وُلدت فاطمة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، و لُقِّبت ب ” الزهراء” لأنّ وجهها رضي الله عنها كان مُشرِقًا. والسيدة فاطمة هى الابنة الرابعة لرسول الله من السيدة خديجة فهى بعد زينب ورقية وأم كلثوم. وهي أي السيدة فاطمة وعلي والحسن والحسين وأزواج النبي عليه السلام داخلون في قول الله تعالى ﴿لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾. روى الترمذي والحاكم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [أحبُ أهلي إليَّ فاطمة]. وروى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت “ما رأيت أحداً، كان أشبه كلاماً، وحديثاً برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، من فاطمة. وكانت إذا دخلت عليه، قام إليها، فقبلها، ورحب بها، وأخذ بيدها، فأجلسها في مجلسه. وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قامت إليه مستقبلة، وقبلت يده”. وفي صحيحي البخاري ومسلم أن الرسول قال لها [يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ؟]. وفي صحيح البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم [فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي].وفي صحيحي البخاري ومسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم [فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا]. وفي رواية عند أحمد والحاكم [فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسبـبي وصهري].معناه الانساب لا تنفع يوم القيامة إلا ما كان متصل بالنبي وهو خاص بالمؤمنون من أنسابه،وقد زوجها صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بعد بدر في السنة الثانية من الهجرة وقال لها الرسول [أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأحلمهم حلما] رواه أحمد والطبراني ، وفي رواية عند الطبراني [لقد زوجتك سعيدًا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين] ودعا لهما [جمع الله بينكما وبارك في سيركما وأصلح بالكما] وفي بعض الروايات زيادة أنه دعا لها قائلا [اللهم إني أُعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم] وولدت له الحسن والحسين ومحسن وزينب وأم كلثوم. يقول الإمام المحدث الشيخ عبد الله الهرري رحمات الله عليه: السيدة فاطمة عليها السلام وإن كانت أصغر بنات الرسول سنًا لكن كانت أتقى وأخشع وأخشى لله تعالى. كانت روحها أقوى تعلقًا بطاعة الله تعالى من أخواتها الثلاثة زينب ورقية وأم كلثوم. فاطمة كانت أشد عبادة لله تعالى. كان قلبها أتقى لله وخشع لله االله تبارك وتعالى جعل في ذريتها من البركة ما لم يجعل في ذرية أحد من نساء هذه الأمة. الله تعالى كثَّر ذريتها. أولاد الحسن والحسين الله تعالى كثَّرهم وبارك فيهم. كان فيهم أولياء ووليات لا يحصيهم إلا الله. هذه السيدة نفيسة التي بمصر يتبركون بزيارتها هي من ذرية ابنها الحسن.روى عَنْ سيِّدنا عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ السيدةَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أثرِ الرَّحَى فِي يَدِهَا (ففي الماضي كانوا يطحنونَ ويعجِنُونَ في البيوتِ ليسَ كاليوم ) فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَ علي: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ أَقُومُ فَقَالَ [مَكَانَكَ] فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ [أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ ؟ (أي جاريةٍ لأنَّ لفظَ الخادِمِ يُطلقُ على الذَّكرِ والأُنثى) إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وكَبِّرَا أربعًا وَثَلاثِينَ فَهُو خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ]. رواه البخاري ومسلمٌ والبيهقي. تعرفونَ لماذا قال لهما هذا ؟ لأنَّ الآخرةَ خيرٌ وأبقَى. وقد قال بعضُ المفسرين “يحصُلُ لها بسببِ هذه الأذكارِ قوةٌ فتقدِرُ على الخدمةِ أكثرَ مما يَقدِرُ الخادمُ”. واللهُ قادرٌ على كلِّ شَىء لا يُعجزُهُ شَىءٌ أبدا، أليسَ وردَ في الحديثِ الشريفِ أنه تحصُلُ مجاعةٌ أيامَ الدجال، وأنَّ الأتقياءَ يشبَعُونَ بالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ؟ بلى. رواه ابن ماجه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا كانَ يَومُ القِيامةِ نَادَى مُنادٍ مِنْ وَراءِ الحُجُبِ يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصَارَكُم عن فَاطِمةَ بِنتِ محمدٍ حتى تمُرَّ] رواه الحاكم المرادُ غيرُ محَارِمِها أمّا محَارِمُها فيَنظُرونَ، الرِّجالُ فَقط يَغُضُّونَ أمّا النّساءُ يَنْظُرنَ. وذلكَ لإظهارِ شَرفِها رضيَ اللهُ عَنها، فهيَ أفضَلُ امرَأةٍ مِن هذِه الأُمّةِ وهيَ صِدّيقَةٌ.اهـ قال المُناويّ: قولُه نادَى مُنادٍ أي مَلَكٌ مِنَ الملائكةِ، قولُه مِن وَراءِ الحُجُبِ أي مِن غَيرِ أنْ يَراهُ النّاسُ، قولُه يا أهلَ الجَمْعِ أي يا أَهلَ الموقِف، قوله غُضُّوا أبصَارَكُم أي نَكِّسُوهَا، قوله حتى تَمُرّ أي تَذهَب وتَجُوزَ إلى الجنّة. عاشت فاطمة بعد أخواتها الثلاث، زينب ورقية وأم كلثوم مِتْنَ في حياة رسول الله. أما فاطمة توفيت بعد وفاة رسول الله بستة أشهر. ماتت سنة إحدى عشرة عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: عَاشَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَدُفِنَتْ لَيْلاً. وَصَلَّى عَلَيْهَا العَبَّاسُ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا هُوَ وَعَلِيٌّ وَالفَضْلُ.
وأما زينب رضي الله عنها فهي أكبر بناته ﷺ، كانت زوجة أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى ، وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد. وقد ولدت منه عليًا وأُمامة وهي التي حملها ﷺ في صلاة الصبح على عاتقه وكان إذا ركع وضعها وإذا رفع رأسه من السجود أعادها. توفيت زينب رضي الله عنها سنة ثمان من الهجرة. وأبي العاص بن الربيع وكان وفيّا بما يعد، صاحب إخلاص بوعده، فإنه شهد بدرًا مع الكفار وكان كافرًا فأسر فأطلقه النبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم على أن يخلي سبيل ابنته زينب رضي الله عنها ففعل وّوّفى بوعده، وبعد زمن طويل أسلم فردّها النبي صلى الله عليه وسلم عليه. توفيت زينب -رضي الله عنها- سنة ثمان من الهجرة، وغسلتها أم عطية رضي الله عنها، ونساء معها، وقال لها (فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي) فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ، وَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» والحقوة قطعة من القماش تشبه الازار وانما أخر إعطائهن إزاره ليكون قريب العهد من جسده الطاهر تبركا…
ومن بناته ﷺ رقية وقد تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه وهاجر بها إلى الحبشة وولدت له ثم توفيت والنبي ﷺ في غزوة بدر ودفنت في المدينة.. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد زوّج ابنته رقية من عتبة ابن أبي لهب وزّوج أختها أم كُلْثُوم من عُتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة تبّت يدا أبي لهب وتب قال لهما أبوهما أبو لهب، وأمهما أم جميل بِنْت حرب بن أميَّة حمالة الحطب: فارقا ابِنْتي مُحَمَّد. ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من الله تعالى وهوانًا لابنَي أبي لهب. فتزوج عُثْمان بن عَفَّان رقية بمَكَّة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له هناك ولدًا، فسماه عَبْد الله. وكان عُثْمان يُكنّى به، فبلغ الغلام ست سنين فنقر عينه ديك، فورم وجهه ومرض ومات، وكان موته في جمادى الأولى سنة أربع، وصلى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونزل أبوه عُثْمان في حفرته. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الحَبَشَةِ الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعًا. ثُمَّ هَاجَرَتْ إِلَى المَدِيْنَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ، وَمَرِضَتْ قُبَيْلَ بَدْرٍ. ولما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى بدر كانت ابنته رقية مريضة، فتخلف عليها عُثْمان بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له بذلك، فتوفيت يوم وصول زيد بن حارثة مبشرًا بظفر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمشركين، وكانت قد أصابتها الحصبة، فماتت بها. وضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعُثْمان بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها، أي أنه معدود من البدريين. ولا خلاف بين أهل السير في ذلك. واشتهر مقولة ( «أحسن زوج رآه إنسان.. رقية وزوجها عثمان)
وأم كلثوم رضي الله عنها تزوجها عثمان بن عفان بعد وفاة أختها رقية، ولهذا لقب عثمان بذي النوريين إذ لم يجمع أحد قبله بنتي نبي. والصحيح أن أم كُلْثُوم أصغر من رُقيَّة، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زوج رقية من عُثْمان، فلما توفيت زوّجه أم كُلْثُوم، روى سعيد بن المسيّب: أن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم رأى عُثْمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفان، فقال له: “ما لي أراكَ مهمومًا؟ ” قال: يا رسول الله، وهل دخل على أحد ما دخل عليّ، ماتت ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التي كانت عندي، وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك. فبينما هو يحاوره إذ قال النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم: ” يا عُثْمان، هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن الله عَزَّ وجَلّ أن أزوّجك أختها أم كُلْثُوم على مثل صَداقها، وعلى مثل عِشرتها “. فزوجه إياها. وكان نكاحه إياها في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة، ولم تلد منه ولدًا، وتُوُفِّيَتْ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ، وصلى عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وعن أسماء بنت عميس قالت: أنا غسلت أم كلثوم وصفية بنت عبد المطلب. وقيل: إن أم عطية أيضا شهدت غسلها وتكفينها. ونزل في قبرها عليّ، والفضل، وأسامة بن زيد.
رضي الله عنها وعن أخواتها وجمعنا معهنَّ في مقام كريم.
وليعلم أن كل أسماء بنات النبي وابنائه وما سمى به أحد من الناس له معنى حسن ينبغى استحسانه لأنه تسمية النبي صلى الله عليه وسلم .ومما ينبغي التنبه له أن مجرد القرابة وحده لا يكفي ما لم يوافق عمل الشخص ما أمر به الشرع، ولذلك النبي ﷺ قالَ لابنتِهِ فاطمةَ أوّل ما نَزَلَ عليهِ القرءانُ: «يا فاطمةُ بنت محمّدٍ سَليني ما شئتِ من مالي لا أُغني عنكِ مِنَ الله شيئًا» رواه البخاري، ومعناهُ لا أستطيعُ أن أنقذَكِ من النَّارِ إذا لم تؤمني، أما في الدّنيا أستطيعُ أن أنفعَكِ بمالي، أمَّا في الآخرةِ لا أستطيعُ أن أنفعَكِ إن لم تَدخلي في دعوةِ الإسلام. وفي حديث مسلم: ( ومَنْ بَطَّأَ ) أى أخَّرَ ( بِهِ عملُهُ ) عَنْ درجة الأتقياء والصالحين ( لم يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) إليها، لأنَّ الإسراعَ إلى السَّعادةِ الأخرويةِ إنما هو بالأعمالِ فإنَّ اللهَ خلقَ الخَلْقَ ليأمرَهُمْ بطاعتِهِ فكانتْ الطاعةُ هىَ المُعتَبَرَةَ ولأنَّ الأقربَ إلى الله تعالى هو الأَتْقَى كما قالَ تعالى ﴿ إنَّ أكْرَمَكُمْ عندَ اللهِ أتْقاكُمْ ﴾ فليسَ نسيبٌ غيرُ عاملٍ بمكافِئٍ لعاملٍ غيرِ نسيبٍ.
فائدة: بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يجوز أن يُكنى من اسمه محمد بـ ” أبي القاسم” إنما كان ذلك حرامًا في حال حياته عليه الصلاة والسلام.