سباب المسلم

السبُ والشتمُ المحرم هو “ كلام يدل على تحقير أحد أو نسبته إلى نقيصة بالباطل، وسب المسلم بغير حق حرامٌ بإجماع الأمة لا خلاف فيه، وصرح كثير من العلماء بأنه كبيرة من كبائر الذنوب، وفاعله فاسق يستحق عقاب الله في الآخرة على  فعل هذه المعصية الكبيرة. كما جاء في الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( سِبابُ المُسْلِمِ فُسوقٌ) “ والمراد بالحديث أن من رمى مسلماً بالسب فقد فسق وارتكب إثما عظيماً وهذا معنى "فسق"، والساب للمسلم بغير الحق يرجع عليه اثمه بالسب والشتم كما جاء في حديث أَبي ذرٍّ رضي الله عنه أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ:( لاَ يَرمي رجُلٌ رَجُلًا بِالفِسْقِ أَوِ الكُفْرِ، إلاَّ ارْتَدَّتْ عليهِ، إنْ لمْ يَكُن صاحِبُهُ كذلكَ)، والبادىء بالسب هو الظالم لأخيه إلا إن تعدى المسبوب فزاد عن الرد بالمثل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(المُتَسابانِ مَا قَالا، فَعَلى البَادِي مِنْهُما حتَّى يَعْتَدِي المظلُومُ)، فالإثم على الأول الذي إبتدئ بالسب إلا إذا اعتدى المسبوب والمظلوم صار عليه إثم اعتدائه وظلمه، فإذا قال الساب لأخيه مثلا: ياظلم فرد المسبوب أنت الظالم فالإثم على الأول فقط ، فإنّ زاد الثاني فعليه إثم الزيادة كأن قال ياظلم ويالص ، فالإثم بالزيادة هذه، أما إذا قال مثل ما قال سواء فهذا لا حرج على الثاني والإثم على الأول، والأحسن ولأفأل ان لا يرد المسبوب عليه وذلك لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قا قال رسول الله صلى اله عليه وسلم:( وإن أحد عيرك بما لا يعلم فيك فيك فلا تعيره بما تعلم فيه ) المسبوب له الإختيار في الرد لكن الترك أحسن. وفاحشة السبِّ والشتم واللعن هي ما نراه ونسمعه من إنتشار واستعمال ألفاظ بذيئة فاحشة رذيلة جهاراً في الأسواق والمحال وووسائل النقل والبيوت، ومن الكتابة في الهواتف المحمولة ونحوها فلا تكاد تدخل سوقاً أو محلاً أو تجلس في مجلساً من المجالس إلا سمعت من هذا أشياء كثيرة تشمئز لها النفوس، فضلاً عن الطرقات والمدارس، وغيرها من مجتمعات الناس، وهذه الظاهرة السب، والشتم، واللعن، والبذاءة في الكلام قضية خطيرة لا ينبغي التساهل فيها أبداً، وليست من صفات المؤمنين بل جاء في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم انه "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً". يقول الإمام النووي - رحمه الله تعالى - كما في كتابه "الأذكار" (ص 314):ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة، قول الشخص لمن يخاصمه: "يا حمار، يا تيس، يا كلب.... ونحو ذلك، فهذا قبيح من وجهين، الأول: أنه كذب، الثاني: أنه إيذاء".- السَّبَّاب يأتي يوم القيامة مفلسًا من الحسنات فمن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار).

 فالحذر من شر اللسان وورطاته، قال الله تعالى:(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، وحديث معاذ لما سأله عن أعمال الجنة قال في آخره (كُفَ عليكَ هذا وأشار إلى لسانِهِ قلتُ: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال صلى الله عليه وسلم:( ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى اله عليه وسلم: ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب )،وفي اللفظ الآخر: (يهوي بها في النار سبعين خريفًا)، فورطات اللسان وأخطاره كثيرة مهلكة.

فيا عبدَ الله: تُب مما كتَبَت يدَاك وجرى به لسانك، واستسمح ممن بلغه السبّ منك واستغفر الله تعالى من ذنبوك، واذكَّر قولَ الله تعالى: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا }.