إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ

قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)، (206) سورة الاعراف قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لا تستكبر، أيها المستمع المنصت للقرآن، عن عبادة ربك, واذكره إذا قرئ القرآن تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول, فإن الذين عند ربك من ملائكته لا يستكبرون عن التواضع له والتخشع,(ويسبحونه)، يقول: ويعظمون ربهم بتواضعهم له وعبادتهم (85) =(وله يسجدون)، يقول: ولله يصلون = وهو سجودهم = (86) فصلوا أنتم أيضًا له, وعظموه بالعبادة، كما يفعله من عنده من ملائكته وقال ابو حيان الاندلسي ( معنى العنيدة هنا الزلفى والقرب من الله بالمكانة لا بالمكان)، مثل قوله تعالى: { عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ } أي: جبريل مقرب عند الله، له منزلة رفيعة، وخصيصة من الله اختصه بها، { مَكِينٍ } أي: له مكانة ومنزلة فوق منازل الملائكة كلهم. الملائكة تسجد لله اليس أمروا بالسجود لادم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله وقال رسول الله “لمّا قضى اللهُ الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي". قال العلامة الفقيه المحدّث الشيخ عبد الله الهرري ما نصه (صريح البيان في الرد على من خالف القرءان: ص62) "وأما معنى "عنده" المذكور في الحديث فهو للتشريف كما في قوله تعالى {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} [سورة القمر/55]، وقد أثبت اللغويون أن "عند" تأتي لغير الحيّز والمكان، فكلمة "عند" في هذا الحديث لتشريف ذلك المكان الذي فيه الكتاب" اهـ. وقال الحافظ المحدّث ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (826هـ) ما نصه (طرح التثريب: كتاب القضاء والدعاوى، باب تسجيل الحاكم على نفسه: 8/84):"وقوله ـ أي النبي ـ "فهو عنده فوق العرش" لا بد من تأويل ظاهر لفظة "عنده" لأن معناها حضرة الشيء والله تعالى منزه عن الاستقرار والتحيّز والجهة، فالعنيدة ليست من حضرة المكان بل من حضرة الشرف أي وضع ذلك الكتاب في محل معظّم عنده" اهـ (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)،. ومثله في القران كثير كقوله تعالى:(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، ﴿٢٧٤ البقرة﴾ وقوله تعالى :(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴿٢٧٤ البقرة﴾ وكذلط في قوله تعالى غخبارا عن آسية بنت مزاحم التي كانت مسلمة تعبدو الله فعذبها فرعون( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).